تفاؤل إسرائيلي حذر من اتفاق قريب وتشكيك بموافقة نتنياهو على المقترح
<p class=”rteright”>تظاهرة في تل أبيب تطالب بإبرام اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في 20 أغسطس 2024 (أ ب)</p>
على رغم من الجهود التي بذلها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لإظهار تقدم وإحراز نجاح في زيارته التاسعة الى إسرائيل، وإقناع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بالموافقة على المقترح الأميركي المعدل، إلا أن الصهيونيين الضالعين في مفاوضات الصفقة والمطلعين على سياسة نتنياهو تجاه الاتفاق ووقف النار في غزة وما بات يوصف في إسرائيل بـ”الطموح الوهمي بالنصر المطلق”، أعربوا عن تفاؤل حذر وحذر جداً، كما اعتبر البعض أن الأجواء التي أحيطت بمؤتمر بلينكن الصحفي “غير حقيقية” وكأن المسألة باتت منتهية في إسرائيل والكرة في يد “حماس”.
وشكك البعض في مدى استمرارية تمسك نتنياهو بموقفه الداعم للمقترح الأميركي المعدل، نظراً للضغوط الداخلية من قبل ائتلاف حكومته، تحديداً من الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش الذين هددا بالاستقالة إذا ما وافق على الصفقة، في وقت أكد نتنياهو على مدار 24 ساعة قبل مؤتمر بلينكن الصحفي عن رفضه انسحاب الجيش من محور فيلادلفيا والقطاع وإنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها.
“تضليل”
“المقترح هو مقترح نتنياهو وليس مقترح بلينكن”، هكذا اعتبرت جهات إسرائيلية مطلعة على سير لقاءات بلينكن في إسرائيل مع نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت والرئيس إسحق هرتسوغ. ورأت في إصرار نتنياهو على أن تشمل المرحلة الأولى من الصفقة أكبر عدد من الرهائن المدنيين الأحياء، عرقلة بحد ذاتها كون هذا يمنحه فرصة أطول من الوقت للانتقال إلى المرحلة الثانية والثالثة والتي تشمل الجنود والجثثت، في مقابل استمرار القتال في غزة.
ونقلت المتخصصة في الشأن العسكري، دفنا ليئيل، عن مسؤول إسرائيلي قوله “إن ما أعلنه بلينكن ليس تماماً قبول نتنياهو بمخطط الرئيس الأميركي جو ايدن، فما عرض في لقاء الإثنين ليس مقترح بايدن، بل يمكن القول هو مخطط نتنياهو لأن ما حصل أن رئيس الوزراء الصهيوني تلقى خلال لقائه بلينكن، مقترحاً جديداً أدخلت عليه تعديلات إسرائيلية وعلى رغم من المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الأميركي، الذي حاول فيه خلق بعض الشعور بأن الصفقة قريبة فهذا لن يحدث وما زال وضع المفاوضات على حاله. وواضح جداً للجميع أن (حماس) لن توافق على ما جاء من تأجيل وقف النار للمرحلة الثانية”.
صحيفة “هآرتس” خصصت افتتاحيتها حول الشكوك وعدم اليقين من سياسة نتنياهو وكتبت تقول “من الصعب تصديقه، فقد سبق وأطلق أقوالاً مشابهة كثيرة جداً تبين لاحقاً أنه كان يعمل على إفشال المقترحات. ففي الوقت الذي يموت فيه المخطوفون، يواصل نتنياهو تلاعباته اللفظية الضحلة”. واقتبست من أقواله “نحن نجري مفاوضات أخذ وعطاء وليس عطاء وعطاء”… وأضافت”مرة أخرى يدور الحديث عن ذر الرماد في عيون الجمهور”، “(حماس) تحتجز مخطوفين إسرائيليين، الصفقة تتعلق بإعادتهم. والمحاولة لعرض الصفقة وكأن إسرائيل هي فقط التي تعطي وتتجاوب هي تضليل”.
تأرجح مواقف نتنياهو
الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية، عاموس يدلين، رد على سؤال بشأن تفاؤله بعد المؤتمر الصحفي لبلينكن بالقول: “تسألني إذا كنت متفائلاً بالتوصل لاتفاق صفقة… حقيقة لست متفائلاً، لأننا رأينا رئيس الحكومة كيف يتأرجح بين المواقف فيقول للأميركيين ما يريدون سماعه ثم يعود ويقول لبن غفير وسموتريش وائتلافه ما يريدون سماعه… صراحة اليوم ونحن نتحدث عن فرصة أخيرة لإعادة الأسرى أشعر بقلق كبير حول الصفقة والتوصل لاتفاق حولها. أنا حقاً أرغب في أن اشعر بنوع من التفاؤل ولكن… يمكنني اليوم أن أتأمل بأن لا يتراجع رئيس الحكومة عن موافقته على المقترح الأميركي حتى لو كلفه ذلك سقوط حكومته. جيد أن بلينكن ألقى اللوم على (حماس) وليس على إسرائيل على الأقل من أجل ضمان استمرار الدعم والمساندة الأميركية، خصوصاً وأن الجبهة الشمالية، قد تبقى مشتعلة وإن توصلنا إلى صفقة ونحن بحاجة لواشنطن ودعمها، أيضاً إذا ما تعرضنا لهجوم ايران نريد دعمها أضعاف المرات”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الجانب السياسي يمنع التوصل إلى صفقة
وإذ أعرب يدلين عن خشيته من أن يتراجع نتنياهو عن موقفه أمام بلينكن ويضع شروطاً جديدة تعرقل الصفقة إذا ما شعر باقتراب نهاية حكومته وتفكيك الائتلاف، فإن رئيس “الموساد”، ديفيد برنياع، الذي يترأس الوفد المفاوض أبلغ والدة أسير في غزة صراحة أن الجانب السياسي يمنع التوصل إلى صفقة.
وكانت عيناف تسنغكاوكر والدة الأسير متان تقدم إفادتها أمام لجنة التحقيق المدنية (غير الرسمية) بأحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وفاجأت أعضاء اللجنة بقولها :”أريد أن أكشف أمام هذه اللجنة ما قاله لي رئيس الموساد برنياع، وقد تم تدوين الحديث في جلسة تم الاتفاق أن تبقى سرية. لقد أخبرني أنه في ظل الواقع السياسي الحالي، في الكوكبة السياسية الحالية سيكون من المستحيل التوصل إلى صفقة لتحرير الاسرى. لقد أوضح لي أن عدم التوصل لصفقة كان بسبب السياسة”.
تزامن حديث والدة الأسير في سياق حملة الاحتجاج الواسعة التي سيطرت على حدث إعادة الجيش الصهيوني جثث 6 رهائن إسرائيليين من غزة، اعترف أنهم قتلوا جراء القتال والقصف الصهيوني في القطاع. ولم تنجح القيادة الصهيونية في تسويق استعادة الجثث كإنجاز، فقد حمّلتها عائلات الأسرى مسؤولية مقتل العشرات والخطر على حياة من بقي على قيد الحياة، لعدم تنفيذ صفقة قبل أشهر طويلة.
في هذا الجانب تقدر أجهزة الأمن أن أكثر من 50 في المئة من الأسرى الذين ما زالوا في غزة (115 أسيراً) فقدوا حياتهم، الأمر الذي ضاعف احتجاجات عائلات الأسرى التي دعت إلى بذل كل جهد وتقديم تنازلات لضمان إعادة من تبقى منهم على قيد الحياة، قبل فوات الأوان.
مساحة المناورة
جاءت المواقف الصهيونية هذه في وقت غادر الوفد الصهيوني القاهرة، بعد ساعات قليلة من المفاوضات، عائداً إلى تل أبيب وأعلن أن سبب العودة هو عدم إحراز أي تقدم في بند محور فيلادلفيا، في وقت تناقلت وسائل الإعلام الصهيونية تصريحات مسؤول سياسي إسرائيلي مطلع على سير المفاوضات ودبلوماسيين، حول خلافات وثغرات كبيرة في نقاط رئيسية من شأنها تأجيل المحادثات المفترض أن تجري في القاهرة نهاية الأسبوع.
ووفق هذا المسؤول لم يتم إحراز أي تقدم من شأنه أن يسمح للجانبين بالتوصل إلى اتفاقات والإعلان عن انفراج في المفاوضات وبالتالي فإن القمة الآن موضع تساؤل.
في غضون ذلك، انتقدت مصادر مشاركة في المفاوضات بشدة سلوك إسرائيل وفريقها التفاوضي، مدعية أن مساحة المناورة الممنوحة للفريق لا تسمح بالتوصل إلى اتفاق. ونقلت قناة “كان” عن مصدر مسؤول قوله إن “فريق التفاوض غير قادر على اتخاذ القرارات. يجلس الممثلون الصهيونيون في غرفة مع الوسطاء وكثيراً ما يسألون لمعرفة ما إذا كان يمكن التمديد وما إذا كان بإمكانهم الموافقة على المقترحات أو رفضها. وعادة ما يأتي الوفد بتفويض يجعل من المستحيل المضي قدماً في المحادثات ووضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل، ومن ثم نضطر إلى جدولة المزيد من المناقشات. يبدو وكأن ما يقومون به مضيعة للوقت”.
أبرز بنود الخلاف
إلى جانب محور فيلادلفيا، الذي تناقضت الأقاويل حول ما وافق عليه نتنياهو في لقائه مع بلينكن وإذا ما سيكون لإسرائيل أي وجود هناك خلال المرحلة الأولى من الصفقة، هناك ثلاثة بنود لم ينجح الطرفان في التوصل إلى تفاهمات أو تحقيق تقدم بشأنها:
– وقف النار: “حماس” تطالب بوقف كامل للنار وفق مقترح بايدن في شهر مايو (أيار) الماضي. وبحسب الصهيونيين “حماس” تفسر وقف النار بإنهاء الحرب في المرحلة الأولى. وتريد إسرائيل وقف موقت للنار في المرحلة الأولى لتعود إلى القتال بعد إنهائها.
– السيطرة على محوري فيلادلفيا ونتساريم: وفق ما نقل عن الوفد الصهيوني فإن “حماس” غير مستعدة لقبول سيطرة إسرائيلية في أجزاء من القطاع في أي مرحلة، لكنها لم تتطرق لاحتمال نشر قوات اجنبية. أما إسرائيل تريد رقابة إسرائيلية على عبور المسلحين في محور نتساريم وتدرس إمكانيات مختلفة لمحور فيلادلفيا.
– حق الفيتو: “حماس” ترفض حق فيتو إسرائيلي على تحرير أسرى أمنيين فلسطينيين في الصفقة، مثل مروان البرغوثي، الذين يقضون أحكاماً مؤبدة وتصفهم إسرائيل بـ “ثقيلي الوزن”. يعطي المقترح الأميركي إسرائيل حق “الفيتو” على 100 اسم بينهم أسرى “ثقيلي الوزن”.
– معادلة تبادل الأسرى: “حماس” تريد 30 أسيراً فلسطينياً في السجون الصهيونية مقابل كل مدني إسرائيلي أسير لديها و50 مقابل كل مجندة. تطالب إسرائيل بإطلاق سراح بضع مئات من الأسرى الفلسطينيين في المرحلة الأولى من الصفقة من دون معادلة الرقم سواء مقابل مدني أو مجندة.
إضافة تعليق