<p class="rteright">أفغان يتنقلون على طول أحد التلال، في أعقاب الزلزال الذي ضرب منطقة نورغال في ولاية كونار في الثالث من سبتمبر الجاري (أ ف ب)</p>
قال المركز الألماني لأبحاث علوم الأرض إن زلزالاً بقوة 5.4 درجة على مقياس ريختر هز جنوب شرقي أفغانستان اليوم الجمعة، وأضاف المركز أن الزلزال كان على عمق 10 كيلومترات.
وأمس الخميس، ذكر مركز أبحاث العلوم الجيولوجية الألماني (جي.إف.زد) أن زلزالاً قوته 6.2 درجة هز شرق أفغانستان، وأضاف المركز أن الزلزال كان على عمق 10 كيلومترات.
وأودى الزلزال الأول الذي ضرب شرق أفغانستان ليل الأحد الماضي بأكثر من 2200 شخص، وفق حصيلة محدثة نشرتها السلطات الخميس، مما يجعله الزلزال الذي يحصد العدد الأكبر من الأرواح في التاريخ الحديث للبلد.
وتزداد عمليات الإغاثة تعقيداً وسط انزلاقات التربة والانهيارات الوحلية في المناطق النائية بالولايات الشرقية التي ضربها زلزال بقوة ست درجات منتصف ليل الأحد، خصوصاً في ولاية كونار، حيث سجل القسم الأكبر من القتلى ونحو 4 آلاف مصاب.
تحت المطر
ومنذ أربعة أيام، تنتظر آلاف العائلات الفقيرة التي باتت بلا مأوى تحت المطر وصول المسعفين والمسؤولين المحليين لتدبير شؤونها.
وعند الحدود مع باكستان، ما زالت الأرض تهتز تحت أقدام سكان لم ينتهوا بعد من إحصاء موتاهم، وينتظرون وصول مروحيات وزارة الدفاع لنقل المصابين من أقاربهم إلى مدينة جلال آباد الكبرى.
وقال زهير خان صافي، المزارع البالغ 48 سنة في بلدة مزار دارة المنكوبة، “نحن بحاجة إلى خيم ومياه ومأكل وأدوية بصورة طارئة”. وانتقلت عائلته كمئات غيرها من البلدة للعيش في الحقول بلا دورات مياه. وروى أن الرجال يضطرون إلى المشي مسافات طويلة لقضاء حاجتهم، في حين “تنتظر النساء حلول الظلام” بعيداً من الأنظار.
وتسبب الزلزال في تدمير نحو 7 آلاف منزل في ولايات كونار ولغمان وننكرهار المحاذية لباكستان، لكن حصيلة الوفيات والأضرار قد تكون أكبر، إذ “انتشلت مئات الجثث من بين أنقاض المنازل المدمرة خلال عمليات البحث والإنقاذ المتواصلة”، على ما قال المتحدث باسم الحكومة حمدالله فطرة معاون.
فرص العثور على ناجين
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن “فرص العثور على الناجين أحياء تتضاءل بسرعة”، مشيرة إلى أن الأمطار “عقدت أكثر” الوضع، وأعلنت وزارة الدفاع الأفغانية من جهتها تنظيم عشرات الرحلات الجوية لإجلاء المصابين وذويهم إلى مستشفيات في المنطقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
“طالبان” غير قادرة لوحدها
وأقرت سلطات حركة “طالبان”، التي سبق أن تعاملت مع تداعيات كوارث مماثلة عامي 2022 و2023، بأنه لن يكون في وسعها مواجهة الوضع وحدها.
واعتبرت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أن الزلزال الذي تلته ست هزات أرضية قوية وقع “في أسوأ الأوقات”، ولا سيما بعدما اضطرت في بداية العام إلى خفض مساعداتها إلى الأفغان بسبب الاقتطاعات في الدعم الدولي.
وأطلقت منظمة الصحة العالمية التي حذرت من خطر انتشار الأوبئة في أعقاب الكارثة، نداء جديداً لجمع 4 ملايين دولار استجابة للحاجات “الهائلة” بعد الزلزال، فيما خصصت الأمم المتحدة 5 ملايين دولار لهذا الغرض.
لكن في ولاية كونار الأكثر تضرراً، “لم تحصل بعض البلدات على المساعدة بعد”، بحسب ما أوضح المسؤول في منطقة نوركل إيجاز الحق ياد لوكالة الصحافة الفرنسية.
وباتت العائلات في المواقع المنكوبة معدمة تقيم في العراء، وقال أورانجزيب نوري (35 سنة) من بلدة دارة النور في ننكرهار، “نشعر بالخوف ووقعت هزات ارتدادية كثيرة، نمضي أيامنا في الحقول بعدما تركنا منازلنا التي قد تنهار في أية لحظة إذا كانت ما زالت قائمة”.
توالي الأزمات
في السياق اعتبر المجلس النرويجي للاجئين، الذي دعا الجهات المانحة إلى تقديم الدعم، أنه “ينبغي أن يشكل الزلزال تذكيراً قوياً بأن أفغانستان التي تواجه أزمة تلو أخرى لا يمكن أن تترك وحيدة”.
وفيما كانت الأرض تهتز في أفغانستان، سرعت باكستان المجاورة وتيرة طرد المهاجرين الأفغان من أراضيها.
ومنذ الإثنين الماضي، أجبرت إسلام آباد آلاف الأفغان من حاملي بطاقات لجوء من الأمم المتحدة يفترض أنها تحميهم من إجراءات كهذه، على مغادرة أراضيها، بحسب ما أفاد به مسؤولون في البلدين.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، أثر الزلزال في 270 ألف أفغاني عادوا للتو لبلدهم من باكستان أو إيران التي تطرد أيضاً المهاجرين الأفغان.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي خلال منشور على “إكس”، “نظراً إلى الأوضاع الراهنة، أدعو حكومة باكستان إلى تعليق تنفيذ خطة إعادة الأجانب غير القانونيين”.
وتتعرض أفغانستان، الواقعة عند تقاطع الصفائح التكتونية الأوراسية والهندية، للزلازل بصورة متكررة.
ومنذ عام 1900، شهد شمال شرقي البلاد 12 زلزالاً بقوة تجاوزت سبع درجات، وفقاً لبراين بابتي عالم الزلازل في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، ضرب زلزال بلغت شدته 6.3 درجة، تبعته سلسلة هزات ارتدادية قوية، ولاية هرات غرب أفغانستان، مما أسفر عن وفاة 1500 شخص وتدمير أو تضرر 63 ألف منزل، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وكان ذاك أقوى زلزال يضرب البلاد منذ أكثر من ربع قرن، وأدى إلى تدمير نحو 300 مدرسة ومركز تعليمي.
وعقب عودة “طالبان” للسلطة عام 2021، تقلصت المساعدات الدولية لأفغانستان بصورة كبيرة، مما قوض قدرة البلد المحدودة أصلاً على التعامل مع الكوارث.