بداية قوية لتحول سياسة “الفيدرالي” بخفض الفائدة 0.5 في المئة
<p>صوتت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بغالبية 11 مقابل 1 لخفض سعر الفائدة إلى نطاق من 4.75 في المئة إلى خمسة في المئة (رويترز)</p>
بصورة مفاجئة وخارج التوقعات، خفض مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية (أو نحو 0.25 في المئة)، في بداية قوية لتحول في السياسة النقدية تهدف لتقوية سوق العمل وإعطاء دفع للاقتصاد الأميركي.
تفاصيل القرار
صوتت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بغالبية 11 مقابل 1 لخفض سعر الفائدة إلى نطاق من 4.75 في المئة إلى خمسة في المئة، بعد إبقائها الفائدة لأكثر من عام عند 5.5 في المئة، وهي أعلى مستوى لها خلال عقدين من الزمن. ويعد هذا أول خفض لأسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياط الفيدرالي منذ أكثر من أربعة أعوام.
وقال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحافي عقب الإعلان “يعكس هذا القرار ثقتنا المتزايدة في أنه من خلال إعادة ضبط سياستنا النقدية بصورة مناسبة، يمكن الحفاظ على قوة سوق العمل والنمو المعتدل والتضخم الذي يتحرك بصورة مستديمة إلى 2 في المئة”.
البنوك المركزية الخليجية
وعلى الفور، قررت البنوك المركزية الخليجية اللحاق بخطوة “المركزي الأميركي” لخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ جائحة كوفيد 19، مما يعطي دفعة جديدة لأسواق المنطقة.
وخفضت البنوك المركزية في السعودية والإمارات والبحرين أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية، بينما خفضت قطر أسعار الفائدة بمقدار 55 نقطة أساس.
في المقابل، خفضت الكويت التي تربط عملتها بسلة من العملات بدلاً من الدولار الأميركي فحسب، سعر الخصم بمقدار 25 نقطة أساس.
وجاءت تفاصيل خفض أسعار الفائدة في الخليج كالتالي:
-خفضت السعودية معدل اتفاق إعادة الشراء (الريبو) بمقدار 50 نقطة أساس إلى 5.5 في المئة ومعدل اتفاق إعادة الشراء العكسي (الريبو العكسي) إلى خمسة في المئة.
-وخفضت الإمارات فائدة الودائع لليلة واحدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 4.9 في المئة.
-وخفضت قطر فائدة إعادة الشراء بمقدار 55 نقطة أساس إلى 5.45 في المئة، وفائدة الإقراض إلى 5.7 في المئة، وفائدة الودائع إلى 5.2 في المئة
-وخفضت الكويت سعر الخصم بمقدار 25 نقطة أساس إلى أربعة في المئة.
-وخفضت البحرين سعر الودائع لليلة واحدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 5.5 في المئة.
التخفيض إيجابي في الخليج
وسيكون التخفيض عاملاً إيجابياً في منطقة الخليج التي لا تعاني مثل الولايات المتحدة من تضخم مرتفع، لكنها اضطرت إلى مجاراة رفع الفائدة خلال العامين الأخيرين نظراً لربط عملاتها بالدولار.
ويرى محللون أن خفض الفائدة سيقلل من حاجة الشركات والحكومات للاقتراض بأسعار مرتفعة.
وكشفت وكالة “بلومبيرغ” أن كلف الاقتراض انخفضت بين البنوك السعودية لمدة ثلاثة أشهر (أو فائدة السايبور)، قبل الخفض من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي، إذ انخفضت إلى أقل من ستة في المئة للمرة الأولى هذا العام.
الأنظار لاجتماعات “الفيدرالي”
وبعد هذا التحول الكبير في السياسة النقدية باتت الأنظار تتجه الآن إلى اجتماعي “الفيدرالي” المتبقيين لهذا العام.
وأظهر متوسط توقعات مسؤولي “الفيدرالي” التي صدرت بعد اجتماع مجلس الاحتياط أن غالبية ضئيلة، 10 من 19 مسؤولاً، توقعوا خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية إضافية في الأقل خلال اجتماعيهم المتبقيين خلال عام 2024. وفي المقابل، أيد سبعة من صناع السياسات خفضاً آخر لسعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية هذا العام، بينما عارض اثنان أية تحركات أخرى. وحدد صناع السياسات نقطة مئوية (أو 1 في المئة) إضافية من الخفوض خلال عام 2025.
وحذر باول من افتراض أن الخطوة بخفض نصف نقطة قد تعني وتيرة سيستمر فيها صناع السياسة النقدية. وقال باول “لا أعتقد أن أي شخص يجب أن ينظر إلى هذا ويقول “هذه هي الوتيرة الجديدة”.
وكان مسؤولو “المركزي الأميركي” يتطلعون خلال فترة طويلة إلى أرقام التضخم لاتخاذ قرارات الفائدة. لكن الآن ينظرون إلى أرقام البطالة والتوظيف التي باتت مقلقة خلال الأشهر القليلة الماضية، وتؤشر إلى احتمالية ركود في الاقتصاد الأميركي.
لكن بيان مجلس الفيدرالي قال إن الأخطار التي تهدد العمالة والتضخم “متوازنة تقريباً”. وأضاف البيان أن “الفيدرالي” “ملتزم بقوة بدعم أقصى قدر من التوظيف إضافة إلى إعادة التضخم إلى هدفه البالغ اثنين في المئة”.
“وول ستريت”
وتأثرت سريعاً “وول ستريت” بتداعيات الخفض القوي للفائدة، وتأرجح مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بين المكاسب والخسائر، بعد أن سجل أعلى مستوى على الإطلاق في أعقاب قرار بنك الاحتياط الفيدرالي مباشرة.
لكن المفارقة أن البورصات أغلقت على تراجع في كل مؤشراتها بنسب متواضعة، أقل من 0.3 في المئة، وذلك عكس التوقعات.
وفسر ذلك التراجع غير المنطقي بأن المستثمرين احتسبوا الخفض في الأسهم، وإنما المهم الآن كيف ستسير وتيرة الخفض خلال الفترة المقبلة.
الدولار الذهب والسندات
ويراهن المستثمرون على 75 نقطة أساس إضافية من الخفوض بحلول نهاية العام، بحسب ما أظهرت العقود الآجلة.
وفي سوق السندات كانت القصة مختلفة، إذ انخفضت عائدات سندات الخزانة لمدة عامين إلى 3.5 في المئة، وبنسبة تراجع تجاوزت 1 في المئة، بينما ارتفعت عوائد الاعوام العشر بصورة طفيفة إلى 3.6 في المئة.
كذلك الحال بالنسبة للدولار الذي تراجع بقوة بعد الخفض لكنه تحسن قليلاً عقب ذلك.
أما الذهب فقفز بصورة كبيرة مقترباً من حاجز 2600 دولار للأونصة.
توقعات مستقبلية
ورفع مسؤولو “الفيدرالي” بعد التوقعات الاقتصادية الفصلية متوسط توقعاتهم للبطالة في نهاية عام 2024 إلى 4.4 في المئة من أربعة في المئة التي توقعوها خلال يونيو (حزيران) الماضي، أي أعلى من المستوى الحالي عند 4.2 في المئة.
وخفضوا متوسط التوقعات للتضخم في نهاية عام 2024 إلى 2.3 في المئة، في حين انخفض متوسط التوقعات للنمو الاقتصادي إلى اثنين في المئة. ولا يزال صناع السياسة النقدية يرون أن التضخم سيعود إلى هدف اثنين في المئة حتى عام 2026.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورفع المسؤولون مرة أخرى توقعاتهم لسعر الفائدة في الأمد البعيد إلى 2.9 في المئة من 2.8 في المئة في توقعات سابقة. وقال باول إنه يعتقد أن أسعار الفائدة من غير المرجح أن تعود إلى المستويات المنخفضة للغاية التي شوهدت لأعوام عديدة قبل وباء كورونا.
نهاية حقبة
وكان “الفيدرالي” بدأ في حقبة رفع الفائدة خلال أوائل عام 2022 للحد من ارتفاع الأسعار الناجم عن الوباء. وارتفع التضخم الذي غذته اضطرابات سلسلة التوريد وموجة الطلب من المستهلكين المحبوسين في بيوتهم، إلى أعلى مستوى له منذ عام 1981.
ولمواجهة ذلك رفع البنك المركزي أسعار الفائدة 11 مرة ليصل مؤشره القياسي إلى أعلى مستوى له منذ عقدين خلال يوليو (حزيران) 2023.
ومنذ ذلك الحين تباطأ التضخم بصورة كبيرة إلى 2.5 في المئة الآن، ويقترب من هدف بنك الاحتياط الفيدرالي البالغ اثنين في المئة.
إضافة تعليق