حوامل الخرطوم يواجهن الإجهاض لعدم توافر الفيتامينات والتطعيمات
<p class=”rteright”>أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الوضع الصحي في السودان منهار ويحتاج إلى 2.700 مليار دولار لإنقاذ نحو 14.700 مليون شخص ( السبعة المنتقمون – حسن حامد)</p>
بعد هدوء حذر تجددت الاشتباكات المستعرة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” المندلعة منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، في مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، لا سيما تبادل القصف المدفعي باستخدام راجمات القذائف الصاروخية الثقيلة والغارات بالمسيرات من طرفي الصراع في المناطق المأهولة بالسكان في وسط وجنوب وشمال العاصمة، مما أثار ذعر وفزع المدنيين العالقين الذين يعيشون أسوأ حالاتهم.
في ظل تصعيد العمليات العسكرية تتفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل كبير بخاصة في الخرطوم والخرطوم بحري، بسبب انتشار الأمراض والأوبئة المعدية مثل الكوليرا والإسهالات المائية والملاريا وحمى الضنك وجرثومة المعدة والتيفوئيد، فضلاً عن خروج المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة، حتى القليلة التي لا تزال تعمل تعاني نقصاً حاداً في الأدوية المنقذة للحياة، إلى جانب المعينات الطبية.
ناشطون في غرف الطوارئ في العاصمة يطلقون نداءات استغاثة عاجلة لمساعدة المواطنين الذين باتت أوضاعهم الصحية تنهار يوماً بعد يوم، لا سيما النساء وخصوصاً الحوامل اللاتي يعتبرن في مقدمة المتأثرين بتداعيات الحرب، فضلاً عن تواصل الانتهاكات بسبب احتدام المعارك، التي حولت هذه المدن إلى أشباح ولم يبق إلا من ليس له خيار آخر.
في الأثناء أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الوضع الصحي في السودان منهار ويحتاج إلى 2.7 مليار دولار لإنقاذ نحو 14.7 مليون شخص، إذ يستوجب حشد الدعم والجهود لمواجهة الأزمة الإنسانية والطبية جراء الحرب المستمرة.
لاحقاً أعربت المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان ليلى بكر عن قلقها البالغ إزاء الأوضاع المأسوية التي تواجه النساء السودانيات في خضم الصراع المحتدم وتداعياته الكارثية، لا سيما أن شعبه يستحق الاستقرار، لذلك لا بد من مضاعفة الجهود من أجل تحقيق السلام.
إلى ذلك تعمل مجموعة العمل لتعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان على فتح معبر جديد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الخرطوم والخرطوم بحري عن طريق مدينتي عطبرة وشندي بولاية نهر النيل شمال البلاد، لكن الأمر يواجه بتعطيل انسيابها.
تلوث بيئي
وتقول المتحدثة باسم غرفة طوارئ بحري تبيان فتحي إن “السكان العالقين في مدينة بحري يعانون أوضاعاً كارثية في ظل تدهور مطرد للقطاع الصحي، لا سيما غياب المؤسسات الصحية، وانعدام الإمدادات الطبية منذ ما يقارب 17 شهراً، أي منذ اندلاع الصراع الذي طاول المدنيين في شتى مناحي الحياة وحول الحياة البلاد إلى شبه إلى قطعة من بجحيم، بخاصة في ما يتعلق بالغذاء والدواء، مما أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة المرتبطة بسوء التغذية والتلوث البيئي الذي صاحب فصل الخريف”.
أضافت فتحي “بحري تشهد انتشاراً واسعاً لوباء الكوليرا، ترتب على ذلك الإسهالات المائية الحادة، إلى جانب ملتحمة العين التي ظهرت نتيجة توالد الذباب الكثيف وكذلك الإصابة بالتيفوئد وجرثومة المعدة، فضلاً عن ظهور أمراض جلدية معدية مع ارتفاع في درجة حرارة الجسم، إذ إن هناك أمراضاً أخرى لم يتعرف عليها نظراً إلى عدم توافر أدوات الفحص، بعد خروج المستشفيات عن الخدمة وقصفها من ميليشيات ’الدعم السريع‘ إضافة إلى غياب الكوادر الطبية بسبب النزوح، فضلاً عن أن الذين ما يزالون صامدين يبذلون مجهودات كبيرة لتدارك هذه المشكلات والتحديات”.
وتابعت “النساء تحت الحصار يعانين بشكل خاص انعدام الإمدادات الأساسية مثل الفوط الصحية، إلى جانب إصابتهن بالتهابات حادة تؤثر في وضع صحتهن الإنجابية، إلى جانب معاناة النساء الحوامل صعوبة الحصول الفيتامينات والتطعيمات الضرورية أثناء الحمل، إذ سجلت حالات إجهاض متكررة وموت الجنين داخل بطن أمه، مما أدى إلى وضع الأمهات في خطر دائم وأسهم في حالات تسمم، فضلاً عن مضاعفات الولادة مع غياب المستشفيات المتخصصة واستهدافها، لا سيما انعدام حقن الفصيلة الدموية، بيد أن المعاناة تمتد إلى الأمهات المرضعات وجفاف الحليب بسبب عدم التغذية اللازمة، وعدم المقدرة على شراء الحليب الصناعي في ظل عدم توافر مصادر دخل، وإزاء هذه الأوضاع من المتوقع تزايد الوفيات وسط الأطفال حديثي الولادة”.
وأشارت المتحدثة باسم غرفة طوارئ بحري إلى أن “حجم الأزمة الصحية أصبح كارثياً، إذ بلغ مستويات غير مسبوقة وباتت أزمة المواطنين في العاصمة الخرطوم منسية في ظل غياب المسؤولين والعاملين في منظمات الأمم المتحدة منذ اندلاع الصراع، لا سيما أن ضعف الاستجابة يضع المسؤولية على عاتق كل من له صلة بالعمل الإنساني في الإسراع لتقديم الدعم اللازم”.
انعدام الأدوية
في السياق أوضح عضو غرفة طوارئ جنوب الحزام بالخرطوم ياسر بريمة أن “هناك وفيات حدثت نتيجة انعدام الأدوية المنقذة للحياة في مستشفيات جنوب الحزام، فضلاً عن أن المنطقة تشهد إصابات كبيرة بمرض الملاريا بسبب تراكم المياه الملوثة في وسط المناطق السكنية، إذ لا يوجد إصحاح بيئي بخاصة في ضواحي السلمة ومايو والأزهري”.
أردف بريمة “هناك أوبئة تفشت بسبب مياه الشرب، إذ إن الآبار التي يعتمد عليها المواطنون جنوب الحزام لم تخضع للتنظيف الدوري منذ بدء الصراع، مما جعلها ملوثة وغير نقية وأدت إلى الإصابة بجرثومة المعدة والإسهالات”.
ولفت عضو طوارئ جنوب الحزام إلى أن “الأطراف المتنازعة تسهم في عرقلة الإمدادات الدوائية ودخولها للعاصمة الخرطوم بعدم فتح طرق آمنة، إذ إن المواطنين يلجأون للتداوي بالأعشاب لتخفيف حدة المرض، مما يؤدي إلى مضاعفات باعتبار أنها غير فاعلة”.
حشد الدعم
وكان مدير منظمة الصحة العالمية تادروس أدهانوم لدى زيارته السودان مطلع سبتمبر (أيلول) الجاري، وصف الوضع الصحي في السودان بأنه محزن للغاية مردداً أن السلام هو الدواء، إذ من الضروري حشد الدعم والموارد لمواجهة الأزمة الإنسانية والطبية التي يشهدها السودان جراء الحرب الدائرة بين الجيش وقوات “الدعم السريع” لأكثر من 17 شهراً، فضلاً عن أن عدم تأمين المسارات لإيصال المساعدات من غذاء ودواء أدى إلى تفاقم الكارثة. وبين أن السودان بحاجة إلى مساعدات عاجلة لنحو 14.7 مليون شخص بكلفة تفوق 2.7 مليار دولار، إذ تم توفير نصف هذا المبلغ. وناشد المجتمع الدولي بضرورة سد العجز لإنقاذ النظام الصحي المنهار، إلى جانب تفعيل فرق الاستجابة والتقصي لمكافحة الأمراض والأوبئة.
استجابة إنسانية
في هذا الصدد أوضحت الناشطة المجتمعية وإحدى مؤسسي غرفة طوارئ أم درمان حنين أحمد، أن “نساء السودان منذ اندلاع الشرارة الأولى للحرب واجهتهن مصاعب، إذ وجدن أنفسهن في خضم أزمة إنسانية متعددة الأبعاد وأصبحن في طليعة المتأثرين بالحرب سواء بسبب النزوح أم اللاتي ما زلن عالقات في مناطق النزاع النشط، لا سيما تدهور الوضع على الأرض بشكل مخيف، بخاصة المتعلق بانهيار القطاع الصحي والمعاناة في شح الأدوية العلاجية، إذ لا توجد مسارات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية بسبب الانتشار الكثيف لطرفي الصراع، لا سيما أن أعضاء غرف الطوارئ في العاصمة الخرطوم لديهم دراية بالطرق”.
زادت أحمد “قضية السودان لا تحظى بالاهتمام الواسع، لا سيما تفاقم الأزمة الإنسانية وتدهور الخدمات الأساسية، بل انقطاعها تماماً وتسبب ذلك في معاناة المدنيين المستضعفين العالقين، إذ يحتاجون إلى المساعدات الضرورية، لا سيما مواجهتهم خطر الموت بسبب الجوع والمرض”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأردفت “على رغم أن الشباب في غرف الطوارئ قرروا ملء الفراغ بعد توقف عمل المنظمات الإنسانية في الخرطوم والخرطوم بحري، إلا أنهم لا يستطيعون تغطية الاحتياجات كافة في مناطق الصراع، لذلك نطالب المجتمعات الدولية المهتمة في الشأن الإنساني في السودان الضغط على طرفي النزاع حتى يتوقف صوت البنادق لحماية المدنيين وتوفير المساعدة بخاصة للنساء”.
ونوهت الناشطة في العمل المجتمعي إلى أنه يجب وقف الاعتداءات على المتطوعين، وهم في خطوط النار بسبب الاستجابة الإنسانية، مما يتطلب أن يكونوا في أمان بجهودهم المنقذة للعالقين.
إضافة تعليق