سجل الآن

تسجيل دخول

فقدت كلمة المرور

فقدت كلمة المرور الخاصة بك؟ الرجاء إدخال عنوان البريد الإلكتروني الخاص بك. ستتلقى رابطا وستنشئ كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.

تسجيل دخول

سجل الآن

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit.Morbi adipiscing gravdio, sit amet suscipit risus ultrices eu.Fusce viverra neque at purus laoreet consequa.Vivamus vulputate posuere nisl quis consequat.

روسيا قلقة في سوريا الواقفة فوق صفيح ساخن

<p>صورة التقطتها الأقمار الاصطناعية ونُشرت&nbsp;في 13 ديسمبر 2024 تظهر أنظمة صواريخ الدفاع الجوي الروسية أس-400 قيد التجميع للمغادرة من قاعدة حميميم الجوية الروسية في محافظة اللاذقية غرب سوريا (ماكسار تكنولوجيز/ أ ف ب)</p>

تراقب روسيا بحذر شديد مشوب بتشاؤم عميق كل ما يجري في سوريا، منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن ديسمبر (كانون الأول) الجاري وتأمل في التمكن من إخراج قواتها وأسلحتها من هناك بأقل قدر ممكن من الخسائر، بحال لم تستطع الاتفاق مع السلطات الجديدة على استمرار عمل قاعدتيها العسكريتين في كل من طرطوس وحميميم السوريتين.
واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الخميس في مؤتمره الصحافي السنوي الذي تناول فيه نتائج عام 2024 أن ما يحدث في سوريا لا يمثل “هزيمة” لروسيا. وقال، “كنا نسعى إلى عدم تشكيل بؤرة للإرهاب مثل أفغانستان، وقد حققنا أهدافنا بصورة ما. والجماعات التي حاربت الجيش العربي السوري تغيرت. وإذا كانت الدول الغربية تسعى اليوم إلى الحوار مع هذه الجماعات، فإن ذلك يعني أن هناك تغيرات طرأت على هذه الجماعات بالفعل”.

الوضع مقلق

الأستاذ المشارك في قسم الأعمال الدولية بكلية العلاقات الاقتصادية الدولية في الجامعة المالية التابعة لحكومة الاتحاد الروسي إيغور ماتفييف المتخصص في شؤون سوريا ودول شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والخليج يعتقد أن “الوضع الحالي في سوريا مقلق للغاية ولا يمكن التنبؤ به، وهناك احتمال أن نشهد حرباً جديدة وفوضى في هذا البلد في بدايات عام 2025”.
وقال رداً على سؤال حول الآفاق السياسية في سوريا بعد الأحداث الأخيرة، “كمتخصص أشك بصورة أساس في جاهزية، والأهم من ذلك، في قدرة مجموعات المعارضة التي استولت على السلطة في انتهاج سياسة مستقلة”. وأضاف، “الحقيقة هي أنهم في البداية سيكونون موجهين بصورة واضحة من قبل القوات الأجنبية المهيمنة، مثل تركيا والولايات المتحدة، وهو ما لن يسمح لهم بالطبع بالاستقلال، على رغم أنه سيُتخذ بعض الإجراءات المستقلة على ما يبدو، إلا أنني أذكركم بأن تركيا لم تفعل ذلك كرمى لعيون المتمردين ومن أجل تركهم يأخذون راحتهم في تبني السياسات والمواقف التي تناسبهم”.
وأبدى ماتفييف قلقه حول مستقبل الوضع في سوريا الجديدة، قائلاً إن “هذا الوضع يقلقني كثيراً لأنه ربما في أوائل العام المقبل، ومع تزايد التنافس على السلطة بين الفصائل المختلفة، ستواجه سوريا حرباً فوضوية أخرى، بالتالي قد يؤدي ذلك إلى جولة جديدة من العنف طويل الأمد في سوريا”.

اضمحلال التأثير الروسي

ونظراً إلى أن روسيا ليست في وضع يسمح لها بالتأثير في مصير ومستقبل الأوضاع في سوريا، قالت وزارة الخارجية الروسية، إن “مستقبل سوريا ينبغي أن يحدده السوريون، ويجب عليهم البدء بحوار شامل بينهم”.
وذكرت الخارجية الروسية في بيان الثلاثاء في الـ17 من ديسمبر، بتصريحات قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) التي أعلن فيها أن ممثلي الإدارة الموقتة سيديرون مؤسسات الدولة ويضمنون النظام والأمن ويمنعون الأعمال الإجرامية والإعدامات خارج نطاق القانون.
وأكد البيان الروسي على أن “سوريا يجب أن تكون وطناً لجميع المواطنين، بغض النظر عن الدين”، مشيراً إلى أن “المسيحيين والمسلمين عاشوا معاً في سوريا منذ قرون”. وأضافت الخارجية الروسية أن “الطريق لتحسن الوضع في سوريا يكمن في إطلاق حوار شامل بين السوريين بما يتماشى مع المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن رقم 2254، يهدف إلى ضمان الوحدة الوطنية”. وتابعت، “من المهم بالنسبة إلى روسيا أن مستقبل سوريا يجب أن يحدده السوريون بأنفسهم”.

إخفاق روسيا في أهدافها الجيوسياسية في سوريا

ويرى مراقبون أن التدخل الروسي في أحداث سوريا منذ عام 2015 حافظ على سلامة النظام السوري، وتمكن من القضاء على الجماعات الإرهابية الأكثر تطرفاً، ومنع المتطرفين الذين وصلوا من دول شمال القوقاز ومنطقة ما بعد الاتحاد السوفياتي من المساهمة في السيطرة على سوريا واستخدامها لمهاجمة روسيا وحلفائها في أوراسيا. كما توسع الوجود العسكري الروسي في قاعدة طرطوس البحرية، ورُبطت بقاعدة سيفاستوبول البحرية، لتوفر لقواتها البحرية حضوراً قوياً ومؤثراً في البحر وضمان التوازن في البحر الأبيض المتوسط، نظراً إلى الدور الإقليمي للأسطول السادس الأميركي، كما أن تشغيل عديد من القواعد الجوية وبطاريات الدفاع الجوي وأنظمة الدفاع العسكري الأخرى في سوريا وفر لموسكو أيضاً وجوداً عسكرياً قوياً، لكن النجاح العسكري الروسي في سوريا لم يؤد إلى زيادة ثقة دول وشعوب المنطقة في موثوقيته، لا سيما بعد انهيار النظام السياسي الذي دعمته منذ تسع سنوات، وفرار رئيسه إلى روسيا، وهكذا جرى التشويش بقوة على فتح آفاق جديدة أمام روسيا لتطوير علاقاتها مع دول المنطقة، لا سيما مع دول الخليج.
والآن لم يعد الوجود الروسي في سوريا خارج الجدل أو النقاش سواء داخل المعارضة السورية، أو في دول المنطقة، أو حتى في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على رغم أن هذا الوجود يمكن أن يشكل ضمانة لعدم تحول سوريا إلى قاعدة أمامية لتدريب القوى المتطرفة. وعلى العكس، فإن دول المنطقة، وحتى حلفاء الولايات المتحدة بمن فيهم إسرائيل، لا يثقون بأن الوجود الروسي يمكن أن يشكل ضماناً لاستقرار سوريا، هذا فضلاً عن أطراف دولية أخرى، لذلك يمكن القول إن موسكو تلقت صفعة جيوسياسية في سوريا ليست أقل إيلاماً من تلك التي تلقتها في أوكرانيا عند الانقلاب على حليفها فيكتور يانوكوفيتش عام 2014 واضطراره إلى الفرار من البلاد.

آفاق قاتمة

في 24 ساعة، انهار ما بناه النظام السوري على مدار 50 عاماً، وهو جيشه. لقد دفع المهاجمون الباب، ولم يكن هناك أحد، تبخر الجميع وتناثروا في أماكن متفرقة، الجميع “ذابوا” مثل فص من الملح. المحافظون والأجهزة الأمنية وقيادة الجيش لم يعودوا في منازلهم ولم يتمكن أحد من العثور عليهم.
ويعترف مدير مركز أبحاث الشرق الأوسط والقوقاز في روسيا ستانيسلاف تاراسوف بأنه “كانت هناك عناصر من المؤامرات. الاستخبارات الإيرانية، وحتى المرشد علي خامنئي يقول: إننا حذرنا. هناك أدلة على أن الاستخبارات الروسية حذرت الأسد، وحذرت تركيا، على رغم المشكلات التي كانت قائمة بين أردوغان والأسد. وبالمناسبة، فقد أرسلت الاستخبارات الصهيونية أيضاً رسائل عبر وسطاء أوروبيين إلى بشار الأسد”.
ويجمع المتخصصون في روسيا على أنه حان الوقت للاعتراف بأن سوريا لم تكن قصة نجاح روسية، وبأن ما حدث هناك لا بد سيترك تأثيره في علاقات روسيا مع كل من مصر، والسعودية والإمارات وقطر والأردن، على رغم أن مصلحة هذه الدول العربية تكمن في أن تكون سوريا مستقرة، وليست تحت سيطرة الجماعات المتطرفة أو الجهات الخارجية، وألا يُنشأ كيان كردي انفصالي في شمال البلاد.
ومع ذلك قد تمثل عملية التغيير في سوريا بداية استعادة تدريجية للثقة بين موسكو وواشنطن في ظل إدارة ترمب، لا سيما أن بوتين أعلن أنه يمكنه الحديث مع بشار الأسد الذي لم يلتقِ به بعد مجيئه إلى موسكو، في شأن الصحافي الأميركي أوستن تايس المفقود في سوريا منذ 12 سنة. كما يمكن لبلاده أن توجه السؤال أيضاً إلى المسؤولين عن السلطة في سوريا اليوم.
ويمكن لروسيا أن تأخذ زمام المبادرة للتواصل مع كل فصائل المعارضة السورية والتركيز على أولئك الذين يسيطرون على المنطقة، فضلاً عن الإسلاميين الذين يؤكدون أهدافهم الجديدة المتمثلة في القومية السورية بدلاً من الأممية.
وبناءً على ذلك أعلن الرئيس الروسي في الـ19 من ديسمبر في مؤتمره السنوي، “نعول على أن يعم السلام والهدوء في سوريا، ونبني علاقاتنا مع جميع المجموعات التي تسيطر على السلطة هناك، ومع دول المنطقة. سنفكر في بقاء قواعدنا في سوريا، وسنقرر ما إذا كنا سنبني علاقات مع القوى السياسية التي تسيطر أو ستسيطر على مقاليد الحكم في سوريا. هذا يتطلب البحث من قبل الطرفين عن أرضية مشتركة”. وأضاف، “لقد اقترحنا على شركائنا بمن فيهم الموجودون على الأراضي السورية استخدام القاعدة الدولية في حميميم لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على القاعدة الخاصة ببحريتنا في طرطوس”.
وفي حال توصلت موسكو إلى اتفاق مع الحكومة السورية الجديدة في شأن وجودها العسكري ودورها في سوريا المستقبلية وموقفها من باقي المكونات الوطنية والدينية السورية، فمن الممكن أن تدعو قادة سوريا الجدد لزيارة موسكو، على غرار ما أقامته من اتصالات مع حركة “حماس” بعد انتخابات عام 2006 وحركة “طالبان” بعد سيطرتها على أفغانستان عام 2021. فالكرملين يعتبر أن رفض التواصل مع التنظيمات السياسية التي تسيطر على سوريا اليوم يمكن أن يشجعها على التحرك نحو اتصالات أوثق مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى كارثة على المصالح الروسية. فهذه الحركات نشأت أمهاتها وأصولها بدعم أميركي بعد دخول القوات السوفياتية إلى أفغانستان عام 1979، ومنذ ذلك الحين استخدمت لمهاجمة المصالح الروسية في جميع أنحاء العالم، وبخاصة في دول ما بعد الاتحاد السوفياتي. وهناك الآن فرصة لبناء حوار فعال مع عديد من هذه الحركات، يؤدي إلى إقامة علاقات متبادلة المنفعة.
وينبغي لروسيا اتخاذ المبادرة الآن، ومحاولة قيادة عملية التغيير السياسي. ومن الممكن أن تكون إحدى الخطوات الأولى استضافة المؤتمر الأول لجميع فصائل المعارضة السورية، بمن في ذلك ممثلو الدوائر العسكرية والسياسية والإسلامية والمدنية.

موقف الجولاني

أعلن زعيم المعارضة المسلحة رئيس هيئة تحرير الشام أحمد الشرع أن القيادة السورية الجديدة سعت إلى عدم استفزاز روسيا وأعطتها الفرصة “لإعادة النظر في العلاقات”. وأكد الكرملين محاولات إقامة اتصالات “مع أولئك الذين يمكن أن يشاركوا في ضمان الأمن”.

وقال الشرع للتلفزيون السوري، “منحت سوريا روسيا الفرصة لإعادة النظر في العلاقات مع الشعب السوري بما يخدم المصالح المشتركة”، هذا مع العلم أن هيئة تحرير الشام، معترف بها كمنظمة إرهابية ومحظورة في روسيا. وسبق أن صرح المعارض السوري محمد علوش أن “السلطات السورية الجديدة ستناقش مصير القواعد العسكرية الروسية”، وأعلن الشرع صراحة أن السلطات السورية الجديدة تعتزم إبرام اتفاقات دفاع مشترك مع عدد من الدول. وكشفت وكالة “تاس” الروسية أن سلطات البلاد تتفاوض مع القيادة الجديدة في سوريا في شأن الحفاظ على القواعد العسكرية، لكن مسؤولاً كبيراً بالمعارضة ومقرباً من الإدارة الموقتة نفى ذلك، قائلاً إن موسكو أجرت اتصالات معها.

وبحسب “تاس” فإن وزارة الدفاع الروسية “تعتقد” أن موسكو لديها تفاهم غير رسمي مع القيادة السورية الجديدة في شأن إمكانية بقاء القوات الروسية في قواعدها العسكرية. ونقلت الوكالة عن مصدر في الكرملين قوله إن الجانب الروسي حصل على ضمانات أمنية موقتة، بالتالي فإن القواعد العسكرية “تعمل كالمعتاد”، لكن المصدر الروسي أشار إلى أن الوضع قد يتغير فجأة بسبب عدم الاستقرار في سوريا.

وكشف الرئيس بوتين عن أن “معظم دول المنطقة مهتمة بالحفاظ على القواعد العسكرية الروسية في سوريا”، مشدداً على أن بقاءها يعتمد على توافق المصالح مع السلطات السورية الجديدة. وأضاف أن “روسيا تنظر في وجود قواعدها في سوريا أو الانسحاب، لكن قبل ذلك يجب النظر في كيفية تطور العلاقات مع القوى السياسية التي تسيطر الآن وستسيطر على الوضع في سوريا مستقبلاً، إذ إن بقاءنا سيعتمد على توافق المصالح مع السلطات الجديدة هناك”.
وتحتفظ روسيا بوجود في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، إضافة إلى قاعدة بحرية في ميناء طرطوس على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وفي عام 2017، اتفقت موسكو ونظام الأسد على وجود القوات الروسية في القاعدتين دون أي كلفة لمدة 49 سنة.
ووصف السكرتير الصحافي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف الوجود العسكري الروسي في حميميم وطرطوس بأنه موضوع “محادثة جادة” مع السلطات المستقبلية في سوريا. وأضاف، “بالطبع، يجري الآن القيام بكل ما هو ضروري وكل ما هو ممكن من أجل التواصل مع أولئك الذين يمكنهم توفير الأمن. وبالطبع، يتخذ جيشنا أيضاً جميع الاحتياطات اللازمة”. وأشارت الخارجية الروسية إلى أن القواعد العسكرية في حالة تأهب قصوى، لكن “لا يوجد تهديد جدي لأمنها”.

من القوى التي سيطرت على سوريا؟

انطلقت العملية العسكرية التي اجتاحت البلاد وقضت على نظام البعث بقيادة آل الأسد من محافظة إدلب من قبل مجموعة من فصائل وأحزاب المعارضة المسلحة، التي شكلت إدارة عمليات عسكرية لتوحيد صفوفها، وشاركت فيها القوى التالية:

– هيئة تحرير الشام، وهي جبهة عسكرية تشكلت في الـ28 من يناير (كانون الثاني) 2017، وتتكون من خمسة تنظيمات متشددة، وهي:

-جبهة النصرة، وهي أقوى تنظيم بين المشاركين، وهي الفرع السوري لتنظيم “القاعدة” الإرهابي، وغيرت اسمها إلى جبهة فتح الشام عام 2016. وأعلن زعيمها أبو محمد الجولاني انسحابه من جبهة النصرة وقطع العلاقات معها، ودخلت أيضاً في صراع عسكري مع تنظيم “داعش”.

– جبهة أنصار الدين، وتأسست عام 2014 من خلال تحالف ضم منظمات متطرفة عدة تضم مقاتلين عرب وشيشان وآخرين من دول آسيا الوسطى السوفياتية سابقاً.

– جيش السنة، أنشئ عام 2015 من قبل جنود وضباط سابقين في الجيش السوري يلتزمون بالفكر المتشدد.

– لواء الحق، شكل في أغسطس (آب) 2011 من قبل مسلحين سوريين يحملون الفكر المتشدد.

– حركة نور الدين الزنكي، تأسست في نهاية عام 2011 على يد جماعات إسلامية سياسية سورية تشبه في أيديولوجيتها جماعة الإخوان المسلمين.

– الجبهة الوطنية لتحرير سوريا، تأسست في مايو (أيار) 2018 من خلال تحالف عسكري يضم 11 تنظيماً. وجميع المشاركين من الأقلية التركمانية، وجماعات منشقة عن الجيش السوري، وجماعات إسلامية سياسية مرتبطة أو قريبة من جماعة الإخوان المسلمين، وهم من أقرب حلفاء تركيا.

– “أحرار الشام”، تأسست في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 على يد مسلحين سوريين يعتنقون أيديولوجيا متطرفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الفسيفساء السوري

سوريا، بحسب بنيتها الوطنية والديموغرافية، عبارة عن فسيفساء. ويعيش هناك العرب والأكراد والشركس والآشوريون، وأكبر شتات أرمني في العالم يضم 80 ألف شخص. 85 في المئة من السكان هم من المسلمين السنة، مع أقليات من المسيحيين والدروز والعلويين.
قبل بدء الحرب الأهلية عاش الجميع بسلام مع بعضهم بعضاً. والآن، بعد انفراط عقد النظام العلماني، وسيطرة من وصلوا إلى السلطة، فإن السؤال عن تعايش هذه الفسيفساء في ظل حكم طائفي أصولي جديد يستحق التوقف عنده ملياً.
الآن، أصبحت البلاد تحت سيطرة عديد من القوى والجماعات المختلفة ذات الأيديولوجيات والأديان والرؤى المختلفة لمستقبل سوريا والمحسنين في الخارج.
والقوة الأقوى هي هيئة تحرير الشام الموالية لتركيا، والمتحدرة من جبهة النصرة السابقة، التي هي فرع من تنظيم “القاعدة”.
ووجهت الهيئة ضربات ضد العلويين في الماضي، ومعظم المدن والموانئ الكبرى أصبحت الآن تحت سيطرتها.

ويعتبر زعيم الهيئة أحمد الشرع (42 سنة) المنافس الرئيس لقيادة البلاد. وقبل عام، منحت أميركا 10 ملايين دولار جائزة لمن يأتيها برأس الجولاني، والآن يطلق عليه لقب “الإسلامي التقدمي”. وفي السنوات الأخيرة حاول التنظيم إعادة تأهيل نفسه في عيون السوريين، لكن العادات القديمة بدأت تظهر. وبات الجولاني يطلب من النساء اللاتي يقابلنه أن يكن أكثر احتشاماً والتزاماً بوضع الحجاب.
ويمثل فصيل “الجيش الوطني السوري” أيضاً مصالح تركيا. وهدفه الأساس محاربة الأكراد، واحتواء هيئة تحرير الشام، على رغم أن كلتا المجموعتين موجودة في الموازنة العمومية لأنقرة.

وتمثل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) الأكراد الذين يخوضون حرباً بمواجهة تركيا من أجل تقرير المصير الوطني. وأنشئت ومولت هذه المجموعة من قبل الأميركيين لمحاربة “داعش”، والآن يسيطر الأكراد على ثلث سوريا، وعلى جمهوريتهم المتمتعة بالحكم الذاتي، وعلى 80 في المئة من موارد النفط السورية التي تستغلها الولايات المتحدة. وفي عام 2022 أنتجت الولايات هناك 66 ألف برميل يومياً.
الأقليات العرقية لديها أيضاً نقاط قوتها. وتقاتل الميليشيات الدرزية ضمن مجموعة موالية للأردن ولإسرائيل نسبياً. ليس لدى العلويين تشكيل مسلح خاص بهم، ولكن لديهم منطقة إقامة مدمجة، مما يعني أن لديهم الفرصة للدفاع عن استقلالهم إذا بدأ تقسيم سوريا.

غموض غير بناء

ولا يزال مصير القواعد العسكرية الروسية في سوريا غير واضح. وبموجب الاتفاق المبرم مع نظام الأسد، يمكن لموسكو استخدام قاعدة حميميم الجوية ونقطة طرطوس حتى عام 2066. وتستفيد تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة من الوجود الروسي في سوريا. وستظهر المفاوضات مع السلطات الجديدة ما إذا كان هذا مفيداً لروسيا نفسها.
وقال نائب رئيس وزارة الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إنه “جرى التواصل مع لجنة سياسية تعمل الآن في أحد فنادق دمشق. هناك يجتمعون بممثلي السلك الدبلوماسي، والتقى بهم ممثلو سفارتنا، وناقشوا القضايا، في المقام الأول، ضمان أمن بعثتنا الدبلوماسية، والمواطنين الروس الموجودين في سوريا”.

وتعود الحياة في دمشق تدريجاً إلى طبيعتها. فقد فتحت المتاجر والأسواق أبوابها مجدداً، واستأنفت البنوك والخدمات الحكومية عملها، لكن هيهات أن تعود العلاقات الروسية – السورية إلى سابق عهدها.
ويستعد مطار حلب لاستئناف تسيير رحلات خارجية في منتصف الأسبوع المقبل، بحيث تتمكن الطائرات من الطيران إلى موسكو قبل أن تبدأ بتنويع مسارات رحلاتها المعتادة إلى عواصم دول أخرى.

انتقام أوروبي

وفي موقف ينبئ بعزم القارة العجوز على الانتقام من روسيا، التي قوضت قواعد تغلغلها في أفريقيا وفي بعض دول الشرق الأوسط العربية، وعلى رأسها سوريا، شددت مسؤولة السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الإثنين الماضي على ضرورة ألا يكون هناك أي مكان في سوريا لكل من روسيا وإيران بعد سقوط النظام وهرب الأسد إلى موسكو.
وقالت كالاس في تصريحات صحافية عقب اجتماعها مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، إن “التطرف وروسيا وإيران يجب ألا يكون لها مكان في مستقبل سوريا”. وأضافت أن “كثيراً من وزراء الخارجية شددوا على أن القضاء على النفوذ الروسي (في سوريا) يجب أن يكون شرطاً على الإدارة الجديدة”، مشيرة إلى أن التكتل الأوروبي “سيثير مسألة” القاعدتين العسكريتين الروسيتين مع القيادة السورية الجديدة.
وتعد إيران وروسيا أبرز حليفين لنظام الأسد قبل سقوطه. ومع ذلك نقلت وكالة “رويترز” عن أربعة مسؤولين سوريين، قولهم إن موسكو لن تغادر قاعدتيها الرئيستين في البلاد بعد سقوط الأسد على رغم سحب روسيا جيشها من خطوط المواجهة في شمال سوريا، ومن مواقع على الساحل السوري.
وتحدثت تقارير نشرت الأسبوع الماضي عن بدء روسيا بتفكيك معدات عسكرية في سوريا بعد سقوط النظام، بما في ذلك مروحيات وأنظمة دفاع جوي من طراز “أس-400″، وذلك تمهيداً لنقلها إلى الأراضي الروسية.
وتسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى التوافق على “خريطة طريق” لكيفية تعاملها مع السلطات السورية التي تسلمت زمام الأمور في سوريا بعد السقوط السريع لنظام الأسد، لذا عجلت، جماعياً وفردياً، بإرسال مبعوثين إلى دمشق لتفحص الوضع والتعرف على السلطات الجديدة.
وثمة شرط آخر يتمسك به الأوروبيون، عنوانه الابتعاد عن إيران وروسيا. وفي رسالة إلى السوريين كتبت كالاس أن “روسيا وإيران ليستا صديقتين لكم، ولا تساعدانكم إذا كنتم في ورطة. لقد تركوا نظام الأسد، وهذه رسالة واضحة جداً تظهر أن أيديهم مشغولة في مكان آخر، وأنهم ضعفاء”. أما وزير خارجية هولندا كاسبار فيلدكامب فقال الإثنين الماضي، “في ما يتعلق بالقواعد العسكرية الروسية بسوريا، نريد خروج الروس” من هذا البلد.
ثمة خاسران رئيسان من التطورات الأخيرة في سوريا، هما إيران وروسيا، ورابحان أساسيان هما تركيا وإسرائيل. وتمتلك هاتان الدولتان أوراق ضغط قوية في الملف السوري. وما دامت لا تتوفر إرادة دولية، خصوصاً أميركية، للضغط عليهما جدياً، فإن التداخل بين العوامل الداخلية والخارجية سيضاعف، إلى جانب العوامل الأخرى، من عدم اليقين، ويترك الباب مفتوحاً أمام كثير من السيناريوهات التي أحلاها أمر من العلقم بالنسبة إلى موسكو.

subtitle: 
مما لا شك فيه أن دور موسكو تراجع وسط تساؤلات عن مصير قاعدتي حميميم وطرطوس
publication date: 
الجمعة, ديسمبر 20, 2024 – 18:00

‎إضافة تعليق