عالم الكواليس… الوجه الخفي لمهنة التمثيل
<p class=”rteright”>يواجه الممثل تحديات صحية وجسدية كثيرة خدمة لبعض الأدوار (pxhere)</p>
مهنة التمثيل تبدو براقة وساحرة من الخارج، فالممثلون يطلون على الشاشات محاطون بالأضواء والشهرة، ولكن يوجد جانب آخر خفي في الكواليس لا يعرفه الجمهور كعدم الاستقرار المهني والضغط النفسي والعاطفي لأن التمثيل يتطلب أحياناً تقمص شخصيات والتعبير عن مشاعر قوية أو مؤلمة، والتضحية بالحياة الشخصية إما بسبب عدم ارتباطها بدوام عمل معين أو لتجنب الأماكن المزدحمة، إلى جانب التحديات الصحية والجسدية خدمة لبعض الأدوار كزيادة الوزن أو نقصانه أو الإصابات التي تنتج من مشاهد الحركة والأكشن، والاختلاف الشاسع في الأجور بين الممثل النجم وممثلي الدرجة الثانية والثالثة.
وعليه هناك جوانب خفية أخرى لمهنة التمثيل يمكن أن يكشف عنها الممثلون في مذكراتهم أو عبر لقاءاتهم الصحافية فالتمثيل مثل كثير من الصناعات التي تعتمد على الشهرة تنطوي على جوانب مشبوهة وصراعات كالغيرة والحسد والأذى والإقصاء والمنافسة الشرسة ومحاولة بعضهم الإطاحة بالآخرين واعتماد استراتيجيات مستترة كنشر الإشاعات أو التأثير في المخرجين وإفساد سمعة الزملاء للحصول على دور معين أو حجب الفرص عن الآخرين، فضلاً عن التحالفات الداخلية للتحكم في توزيع الأدوار وإبعاد ممثلين موهوبين لمصلحة أسماء كبيرة أو لأسباب تتعلق بالعلاقات الشخصية والعلاقات الخاصة، فيُستخدم النفوذ العاطفي كوسيلة للوصول إلى أدوار معينة وقد تتعرض الممثلات وحتى الممثلون للابتزاز العاطفي أو الجنسي وتقديم التنازلات من أجل الحصول على الأدوار الأولى. ويستخدم بعض الممثلين كذلك العلاقات العامة والإعلام للتلاعب بالصورة العامة أو لإقصاء منافسين عن طريق نشر أخبار أو إشاعات مضللة والتسويق الذاتي، والظهور المتكرر للبقاء في دائرة الأضواء، والنفاق الإعلامي من خلال الظهور بصورة ودودة ولطيفة أمام الجمهور قد تكون مختلفة تماماً عن تصرفاتهم خلف الكواليس.
سيرين عبدالنور ظهرت قبل أسابيع عدة في برنامج “عندي سؤال” ولمحت إلى محاربة تتعرض لها لإبعادها من الوسط، وأشارت إلى أموال تدفع لشراء النجومية وأكدت أنها لن ترضخ لسياسة الأرض المحروقة وأنهم مهما حاولوا إنزالها فالجمهور سيرفعها إلى الأعلى، وقالت “صنعت نجوميتي قبل الـ’سوشيال ميديا‘ أي قبل دفع المال”. أما الممثل بسام كوسا فأثار جدلاً كبيراً عندما ذكر في حوار بودكاست أن “بعض الممثلات يرفعن الرأس ولكن النسبة الأكبر احترفن المهنة كستارة لمزاولة أعمال أخرى ويتهمن الذكاء الاصطناعي بخلق مقاطع مصورة لهن”، مضيفاً أن “الخطر ليس بدخولهن هذه المهنة الحضارية والعريقة بل في من سمح لهن بذلك ومن أنتج أعمالاً لهن”، متطرقاً إلى ظهور “هؤلاء بعد خمسة أعوام كنجمات على الشاشات ويتحدثن عن بناء الأسرة وتربية الأطفال والحياة الاجتماعية”.
فكيف يتحدث صناع الدراما والنقاد عن كواليس مهنة التمثيل؟.
انفجار الزائدة الدودية
الممثلة المصرية إلهام شاهين تطرقت بداية إلى أخطار المهنة وما يتعرض له الممثل في الكواليس، مستندة إلى تجربتها الخاصة، وقالت في تصريح إلى “ السبعة المنتقمون”، “لا يمكن إغفال الصعوبات التي نتعرض لها أثناء التصوير وأنا تعرضت لخطر حقيقي في مسلسل جمعني بالممثل نور الشريف، وكان يفترض أن أحرق نفسي في يوم فرحي لأنني لا أريد الزواج به وتسببت غلطة في اشتعال شعري والتهاب جلدي بسبب شدة الحرارة مع أنني كنت أرتدي سترة واقية، وتوقفت عن التصوير لمدة شهر ووضعت شعراً مستعاراً طوال سنة. وفي عمل آخر وقعت عن صهوة الحصان في شرم الشيخ وبقيت إحدى رجليّ معلقة والثانية في الهواء ثم قام بسحلي لمسافة طويلة في الجبل وأصبت بجروح بليغة واحتجت إلى تسعة أشهر كي أتعافى. كذلك صورت مشهداً في عز الشتاء على مركب مع مصطفى فهمي وشيرين قبل أن يلقيا بي في البحيرة للتخلص مني مكثت على إثره مدة أسبوع في المستشفى. ثم أن بعض المشاهد الانفعالية في ’سامحوني ماكنش قصدي‘ أدخلتني المستشفى لأنني أصبت من شدة تأثري بانهيار عصبي وكسرت الديكور. كما أن تحملي للألم ورفضي لإلغاء التصوير أديا إلى انفجار الزائدة في بطني ونقلي إلى المستشفى. الناس يقولون إنه تمثيل لكننا في الواقع نتعب ونتعذب كثيراً وتصوير بعض المشاهد يؤثر في صحتنا وأعصابنا”.
“أنا لا أشغل بالي بالكواليس الأخرى التي تتعلق بالغدر والخيانة والمحاربة من أجل أدوار البطولة”، كما تقول شاهين ثم تعقب أن “من لا يملك ثقة عالية بالنفس هو الذي يتصرف بهذه الطريقة، وقيمة الدور عندي ليست بعدد المشاهد أو البطل الأوحد، والشيء الوحيد الذي أثق به في الحياة هو أنني ممثلة جيدة وربما لا أكون أجمل امرأة أو الأكثر جاذبية وأناقة لكنني اتمتع بثقة عالية بالنفس”.
وفي ما يخص محاولات أخريات لإزاحتها عن المشهد تقول “لا يمكن أن أتحدث عن أشياء لم ألمسها. أنا قمت بأدوار البطولة عندما كنت في السنة الأولى في أكاديمية التمثيل والفرص كانت متوافرة ولم أكن بحاجة لتقديم التنازلات. الفنانون هم أكثر الناس طيبة وبالنسبة إلى بعض القصص التي نسمع عنها لا يجوز التعميم وجيلنا جيل طيب وكنا نحزن كثيراً عند توديع بعضنا بعد انتهاء التصوير”.
أهواء شخصية
الكاتب الكويتي أيمن الحبيل يؤكد أن ما يحصل في المجال الفني من منافسة وابتزاز يحصل في كل المجالات الأخرى ولكن الناس يهمهم أن يعرفوا تفاصيل حياة الفنان الخاصة لأنه تحت الأضواء، ويقول “يمكن أن تحصل بعض التجاوزات الأخلاقية في المهنة ولكن في الخفاء ولا يمكن إثبات التهمة على أحد ممن يستخدمون أهواءهم الشخصية لاختيار ممثلة دون سواها، ومع أنني لا أختلط بالوسط بل ينتهي دوري عند تسليم النص ولا أتدخل إلا عندما يطلب مني ترشيح الشخصيات، ولكنني لا أبالغ إذا قلت إن إعجاب المنتج بالممثلة يجعله يتغاضى عن أدائها وهذا الأمر يحصل في كل العالم”. ويتابع أن “الأدوار تتسبب أحياناً بخلافات فنية وتتحول الصداقات إلى عداوات وخلافات شخصية، كما أن بعض النجوم يفرضون مشاركة ممثلين معينين في أعمالهم ويهددون بالانسحاب إذا لم تنفذ طلباتهم ونضطر إلى تعديل الأدوار، فيما يتدخل آخرون في النص لزيادة عدد مشاهدهم وهو أمر سهل أثناء الكتابة وصعب بعد إنجازه لأنه يتطلب إجراء تعديلات على كل المشاهد التي قبلها وبعدها، وكذلك يحصل تدخل أحياناً من المخرج أو المنتج”.
بطل وكومبارس
الكاتب السوري مروان قاووق يشير إلى أن “الفلوس غيرت النفوس”، ويعتبر أن أبرز مشكلة يعانيها الوسط هي المحاربة ويقول “نحن نحارب بعضنا من أجل المال وهي المشكلة الأبرز في الوسط التمثيلي في سوريا”، مضيفاً أن “هناك استخفافاً بالكاتب من جهة المنتجين الذين لا يدفعون له مستحقاته وأيضاً من جانب المخرجين الذين يتدخلون في النصوص حتى لو كانوا على خطأ، ويكون النجاح من نصيبهم ونصيب الممثلين مع أن النص هو الأساس، والمشكلة الأكبر أنه لا توجد نقابة تجمع الكتّاب ولا محامي يضمن حقوقهم، خصوصاً أن كثيراً منهم لا يحصلون على حقوقهم كاملة، وهذا الأمر يشمل ممثلي الدرجة الثانية والثالثة وهناك تمييز في التعامل بينهم والممثل النجم”. ويضيء قاووق أيضاً على مسألة أخرى وهي كتابة النصوص على مقاس النجم وعندما يصل النص إلى يده يطالب بإضافات على حساب الآخرين ويظهر وكأنه البطل الأوحد وكل الآخرين كومبارس، والمنتجون يقبلون بذلك لكي يستفيدوا من الأجور الضخمة التي دفعوها لهم”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من ناحية أخرى يرى قاووق أن المهنة لا يمكن أن تصلح إلا عندما يلتزم كل فرد فيها أخلاقياته، ويوضح أن “ما يحصل في الكواليس سيئ جداً ويمكن أن يصل إلى حد التضارب بالأيدي بين الممثلين بسبب الغيرة والحسد، ويمكن للقطة برزت فيها ممثلة أكثر من زميلة لها أن تثير الحساسيات وكل ذلك من أجل النجومية. وهناك فرق شاسع بين كواليس المهنة وبين ما يراه الناس، فالكواليس تخفي حسداً وغيرة وحقداً وقطعاً للأرزاق وبعض النجوم يستبعدون زملاء لهم لأنهم لا يحبونهم. هو عالم يسيطر عليه المال وفي سبيله كل شيء مسموح، ومع أن بعض النجوم محترمون لكن يوجد أيضاً نجوم آخرون يرتبطون بأعمال عدة في وقت واحد ويعطلون التصوير، فضلاً عن تعاملهم بفوقية مع الزملاء”.
ثروات ومكاسب كبيرة
الناقد الفني محمود قاسم له رأي آخر، إذ يعتبر أن الزيجات الفنية هي خيار معظم النجوم للمحافظة على المكاسب المادية الكبيرة التي يكسبونها من خلال التمثيل، ويضيف أن “الزيجات الفنية تشكل ضمانة لبقاء الثروات تحت تصرفهم، والأمثلة كثيرة”. ويرى أن “المصالح تربط بين المخرجين والممثلات فيختار المخرج الممثلة التي تتمتع بمزايا أنثوية لكي يتزوجها ويقدم معها أفضل الأفلام”.
إضافة تعليق