هل بالغ وزير الدفاع في التحذير من عدم قدرة بريطانيا التصدي لغزو ما؟
<p>وزير الدفاع البريطاني جون هيلي يتبع سردية الحكومة الجديدة، إلقاء اللوم في كل شيء على “المحافظين” (وزارة الدفاع البريطانية)</p>
من شأن حزب العمال أن يخاطر بإضعاف معنويات الأمة بقوله إن المحافظين تركوا كل شيء في حال أسوأ بكثير مما كان متوقعاً. وتمثل المالية العامة “التركة الأسوأ حالاً منذ الحرب العالمية الثانية”، طبقاً لراشيل ريفز [وزيرة المالية]، فيما السجون مكتظة إلى درجة الانفجار مما يتطلب اتخاذ تدابير طارئة.
والآن يبدو أن دفاعاتنا في حال سيئة للغاية، ولن نكون قادرين على التصدي لغزو ما.
ما الذي كان يفكر فيه وزير الدفاع جون هيلي؟ وهو معروف في دوائر حزب العمال باعتباره نموذجاً للشخص الذي يمكن أن يؤمن جانبه ويستبعد ارتكابه أخطاء جسيمة، ويعد بمثابة حجر العقد الذي يحتل مكانة مركزية في عرض الحزب لقوته في ما يتعلق بالأمن القومي، ولكونه مناصراً لقضايا القوات المسلحة ومؤيداً لحلف شمال الأطلسي، كما أنه نصير للولايات المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فلماذا قال إن المملكة المتحدة “أصبحت تمتلك مهارة عالية ومستعدة للقيام بعمليات عسكرية، أما الذي لسنا مستعدين للقيام به هو القتال، وإذا لم نكن مستعدين للقتال فإننا لن نكون في وضع يسمح لنا بالردع”؟
بطبيعة الحال، فإن الأمر كان متوقعاً لأنه كان يتبع سردية الحكومة الجديدة، إلقاء اللوم في كل شيء على “المحافظين”.
بدا خطاب حزب العمال عقيماً منذ الانتخابات. خلال إجابات أنغيلا راينر بالنيابة عن كير ستارمر على الأسئلة في جلسة مساءلة رئيس الوزراء البرلمانية هذا الأسبوع، فإن ردها على كل سؤال تقريباً اشتمل على عبارة “14 عاماً من الفشل” [زمن حكم “المحافظين”].
لذلك، عندما حل هيلي ضيفاً على بودكاست “باور بلاي” PowerPlay على موقع بوليتيكو قال إن حال القوات المسلحة عندما أصبح وزيراً للدفاع خلال يوليو (تموز) الماضي كانت “أسوأ بكثير، مع مشكلات متجذرة بصورة أكبر، مما توقعنا”.
وكما هي الحال مع المالية العامة ونظام السجون هناك بعض الحقيقة في هذا. وأكد معهد الدراسات المالية بما يتمتع به من مؤهلات محايدة لا تشوبها شائبة، أن العجز خلال العام هو في الواقع أسوأ مما كان يمكن أن تكون ريفز عرفت بوجوده قبل الانتخابات.
وأكد وزير العدل السابق أليكس تشالك أنه حث ريشي سوناك قبل أسبوع من دعوته للانتخابات على الأمر بالإفراج المبكر عن بعض السجناء. وكنا نعلم أن السجون كانت ممتلئة تقريباً، لكن لم يكن الناخبون ولا المعارضة يعرفون مدى اقترابنا من مطالبة الشرطة بالتوقف عن اعتقال الأشخاص.
لذا، أستطيع أن أصدق أن استعداد القوات المسلحة كان في وضع أسوأ مما كان يمكن لأي شخص من خارج القطاع العسكري أن يعلم به. التقيت أشخاصاً بارزين في مؤسسة الدفاع قبل الانتخابات كانوا يحذرون من أن عمليات تجنيد أفراد القوات المسلحة وإبقاءهم في الخدمة كان يواجه أزمة.
وقيل لي على وجه الخصوص إن ديمومة “الردع النووي المستمر في البحر” باتت على وشك الانهيار. وتؤدي إطالة أمد الجولات في البحر إلى تنفير المجندين من العمل في الغواصات ذات التسليح النووي، علماً أنها ضرورية لضمان وجود غواصة واحدة من الأربعة [غواصات نووية] في حال دورية دائمة [ومستعدة لتأدية أية مهام جديدة].
وهيلي كان يدرك ذلك أيضاً. وعلى رغم أنه كان في المعارضة فقد أبدى حرصاً على تجنب تصوير البلاد على أنها غير قادرة على الدفاع عن نفسها. ومما يثير الفضول الآن أنه يبدو أكثر استعداداً للاستخفاف بالبلاد وتثبيط معنوياتها وإلقاء اللوم على “المحافظين” مما كان عليه قبل الانتخابات.
لكن يبدو أن الوزير وزملاءه بالغوا في ذلك. فبدلاً من القول إن “المحافظين” خلفوا دفاعاتنا ضعيفة وأنه يعمل جاهداً على تقويتها، أشار إلى أن جيشنا الذي أصبح أصغر حجماً من أي وقت مضى منذ حروب نابليون [أوائل القرن الـ19]، غير “جاهز للقتال”. ليس هذا فحسب بل أقر أيضاً بأن الحكومة الجديدة “ستحتاج إلى بعض الوقت للعمل [في تغيير الواقع]”.
أستطيع أن أتفهم السبب الذي حمله على قول ذلك. إن الجدل الدائر حول القدرة على خوض الحرب هو جدل مألوف منذ زمن طويل في نظرية الدفاع. كان إحياء حملة نزع السلاح النووي خلال سبعينيات القرن الماضي مدفوعاً بتغيير في عقيدة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، نظراً إلى أن دول الناتو قررت أن قواتها لن تكون قادرة على منع جيش الاتحاد السوفياتي من اجتياح أوروبا، فبدأت العمل على تطوير استراتيجيات تعتمد على استخدام الأسلحة النووية التكتيكية.
كثيراً ما كان من الملاحظ أن القوات المسلحة البريطانية ستجد صعوبة في مقاومة غزو واسع النطاق. ولكن كان من الصحيح كذلك القول منذ فترة طويلة إن مثل هذا الغزو مستبعد للغاية، وإنه لو أصبح أكثر احتمالاً فإنه سيكون هناك متسع من الوقت لكي تستجيب البلاد.
إلا أن طرح هيلي مثل هذه الأفكار في إحدى المقابلات لإلقاء اللوم عملياً على “المحافظين” لأنهم تركونا بلا دفاع هو سلوك غير مسؤول. ومن السيئ بما فيه الكفاية أن تتحدث ريفز عن الوضع المالي للبلاد كما لو أنها في حال ركود اقتصادي. ولم يكن أمام شبانة محمود حقاً خيار سوى تخويف الناس من خلال إطلاق سراح بعض السجناء الذين لا ينبغي إطلاق سراحهم قبل انتهاء أحكامهم.
لكن الإشارة إلى أن الروس سيكونون على شواطئ منطقة كنت في غضون وقت قصير من اجتياحهم للسهوب الأوكرانية، فهذا أمر مبالغ فيه.
ويتعين على هيلي الآن أن يشرح كيف يخطط لتحسين قدرتنا على تنفيذ “عمليات عسكرية”، وهي لحسن الحظ أقصى ما قد يتطلب من قواتنا المسلحة القيام به في المستقبل المنظور.
إضافة تعليق