سجل الآن

تسجيل دخول

فقدت كلمة المرور

فقدت كلمة المرور الخاصة بك؟ الرجاء إدخال عنوان البريد الإلكتروني الخاص بك. ستتلقى رابطا وستنشئ كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.

تسجيل دخول

سجل الآن

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit.Morbi adipiscing gravdio, sit amet suscipit risus ultrices eu.Fusce viverra neque at purus laoreet consequa.Vivamus vulputate posuere nisl quis consequat.

واقع المصريين يغير قاموسهم الكلامي ليكون طابعه الهزل

<p>الجديد في مصطلحات المصريين يتمثل أحياناً في إعادة تدوير القديم بحسب الحاجة إليه (رويترز)</p>

تتأثر اللغة المكتوبة أو المنطوقة بعوامل عدة مثل الهجرة والأحداث الاجتماعية والأوضاع السياسية والطبقة الاجتماعية وغيرها. تضاف كلمات وعبارات وتختفي أخرى، وتتغير استخدامات وتتبدل معان وتصبح عملية التغيير بالغة التعقيد لدرجة تصل إلى احتمال ظهور لهجة جديدة، أو حتى لغة مختلفة. وسواء تغيرت اللغة أو بقيت على حالها تؤثر المفردات وبناء الجمل وترتيب الكلمات في المجتمعات بصورة أعمق بكثير مما يتصور البعض.

ويتصور البعض أن الجمل والعبارات التي ترد على ألسنة الساسة وكبار المسؤولين والشخصيات المؤثرة في خطاب علني أو تصريح رسمي أو حوار تلفزيوني تسقط بالتقادم، لكن العكس هو الصحيح إذ يقرر بعض الشعوب أن يتبنى كلمات وعبارات ويدمجها ضمن مفرداته اليومية لتصبح في قاموسه المنطوق وربما المكتوب، والأهم من هذا وذاك المحسوس.

الصب في “مصلحة” المواطن

الأحاسيس التي تنتاب المصريين لدى سماع أي من تنويعات “الصب في المصلحة” مثلاً متطابقة، خوف مشوب بالرعب مع مزيج من الترقب قوامه الحذر، مع قدر قليل من الأمل في أن يكون الصب هذه المرة مختلفاً أو أن المصلحة المشار إليها هي بالفعل منفعة لا مصيدة.

السرديات الحديثة ترجع الاستخدام الأول لـ”الصب في المصلحة” إلى عام 2016 تقريباً وهو العام المعروف بـ”عام التعويم“. إنه العام الذي شهد الموجة العاتية المعاصرة الأولى من موجات تعويم الجنيه المصري.

وخلال نوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام أصدر البنك المركزي المصري قراراً بتعويم الجنيه وترك حرية تسعيره للمصارف، وذلك بهدف القضاء على السوق السوداء التي انتعشت على مدار أشهر بسبب النقص الحاد في موارد مصر من العملات الأجنبية.

 

وقتها قفز الدولار وارتطم الجنيه ووصل سعر الدولار الواحد إلى 18 جنيهاً مصرياً بعد ما كان يساوي 8.8 جنيه مصري. وحينها أيضاً قال محافظ البنك المركزي (السابق) طارق عامر إن “الأمر سيستغرق عاماً ونصف العام كي نرى تحسناً ملموساً في الأداء الاقتصادي”. موضحاً “أننا نصلح اقتصاداً وليس مصنعاً معطلاً. نعالج آثار سنوات من سوء الإدارة، ونصلح أسس تحقيق التنمية المستدامة”. وتناقل الإعلام خبر التعويم مصحوباً بتأكيد أنه “يصب في مصلحة المواطن واستقرار الأسعار”.

وتكررت الإشارات إلى مسألة “الصب في مصلحة الوطن” أو “المواطن” أو كليهما كلما صدر قرار رسمي جاء الإعلان عنه مصحوباً بأنه “يصب في مصلحة المواطن”. وكلما دار حديث ذو طابع حكومي تضمن إشارات إلى الإجراءات والقرارات والسياسات التي تصب كافة في مصلحة المواطن.

وتحولت الإجراءات “التي تصب في مصلحة المواطن” إلى منظومة أكثر منها عبارة. لماذا؟ لأنها صارت متلازمة ومقترنة بالإعلان عن زيادة تعريفة كهرباء أو رفع سعر سجائر أو تخفيف قيمة دعم أو تعويم للعملة المحلية، أو حتى تخفيف أحمال كهرباء.

من انقطاع الكهرباء إلى تخفيف الأحمال

“تخفيف أحمال الكهرباء”، تلك المنظومة التي تسللت إلى حياة المصريين على استحياء على مدار الأعوام القليلة الماضية قبل أن تفرض نفسها واقعاً أليماً وإجراء مريراً تحسب له ملايين البيوت ألف حساب.

في زمن الأصالة كان يسمى “انقطاع الكهرباء” أو “النور قطع”. والسبب تراوح ما بين عطل في محطة هنا أو أن فأراً أكل الغطاء البلاستيكي للأسلاك وتحديداً “فأر السبتية” (حي تجاري غرب القاهرة) الذي صار المتهم الأول خلال سبعينيات القرن الماضي.

 

وفي زمن المعاصرة أصبح اسمه “تخفيف أحمال”، وهو التخفيف الذي يتنازع على أسبابه خفض الوقود اللازم لمحطات الإنتاج والحرارة القائظة وتغير المناخ وبالتبعية ارتفاع معدلات استخدام الكهرباء في البيوت والمحال والمصالح وبخاصة مبردات الهواء، وتنضم إليها منظومة “سرقة التيار” التاريخية.

“سرقة التيار” ليست العبارة الحديثة أو المفهوم الجديد في المجتمع المصري، إذ إن مشهد سلك الكهرباء الفريد القادم من عمود إنارة أعلى “كوبري 6 أكتوبر” مباشرة إلى “فرشة شاي” أسفل الجسر عادي وطبيعي ولا يثير العجب، إذ المفهوم الشعبي القائم على أساس أن مياه الحكومة ومواصلاتها العامة وأشجارها وأرصفتها وحدائقها وبالطبع كهرباءها الكامنة في أعمدة إنارة الشوارع والميادين ملكية عامة، وما العامة إلا مجموع المواطنين كل بحسب حاجاته الشخصية.

منظومة الدعم

الشخصية القومية المصرية تتسم بعدد من السمات الغالبة بعضها إيجابي والآخر سلبي، تتحدث عنها أستاذة النقد الأدبي الحديث في أكاديمية الفنون أماني فؤاد في مقال عنوانه “تحولات الشخصية المصرية” (2023). وتقول إن أبرز السمات الإيجابية هي النصرة في الشدة والشهامة والتمسك الدائم بالأمل، والإصرار والحس الساخر وأيضاً الحس الفني الذي يميل للحزن والقدرة على التصرف وسرعة البديهة.

سرعة البديهة هي التي جعلت المصري يربط بين عبارات يرددها المسؤولون وتوقعات مرئية باتوا يعرفون أنها واقعة لا محالة. أي حديث أو إشارة أو تلميح أو اقتراح يتضمن كلمات مثل “عيش” أو “بطاقة” أو “سلع استراتيجية” بات يعني أن “منظومة الدعم” في مرمى النيران.

 

نيران أزمة الاقتصاد والغلاء أطلقت العنان لتعبير “منظومة الدعم” التي يشير إليها الجميع كلما لاح خطر تحويل العيني إلى نقدي أو وقف ضم مواليد أو تعديل على نظام النقاط. قاموس المصريين في العقد الماضي خصص صفحة بأكملها لـ”منظومة الدعم” يعرفها القاصي والداني وهي الصفحة التي تحوي مفردات لا يحمل معظمها إلا دلالات سلبية حسب التفسيرات الشعبية، وإن كان جميعها يشار إليه باعتباره “يصب في مصلحة المواطن”.

خلال عام 2017 أي في بدايات “الصب في المصلحة”، رصد الكاتب الصحافي عبدالناصر سلامة منظومة الصب بقوله “مع زيادة الأسعار كما رفع الدعم، كما فرض ضرائب جديدة، كما زيادة الرسوم الدراسية، كما رسوم الطرق والخدمات عموماً، كما كل ما له علاقة بتكدير المواطن، يخرج علينا هذا المسؤول أو ذاك” مبرراً بأن “ذلك يصب في مصلحة المواطن”، حتى إن المواطنين باتوا يناشدون المسؤولين الابتعاد من كل ما من شأنه مصلحة المواطن، والابتعاد من الصب بصفة عامة، بعد أن أصبح المصطلح مزعجاً”.

“علشان” القرض

المصطلحات المزعجة لا تعني عدم استخدام المصريين لها. “علشان القرض” بات مكوناً رئيساً في نقاشات المواطنين في المواصلات العامة وعلى المقاهي وكذلك على منصات التنظير أو الـ”سوشيال ميديا”. سعر “الفراخ” (الدجاج) غير مستقر “علشان القرض، وسجائر “كيلوباترا” زادت “علشان القرض”، والمدارس ضاعفت مصروفاتها “علشان القرض”، وسائق الميكروباص رفع الأجرة “علشان القرض”، وحسين طلق شيماء “علشان القرض”.

و”علشان القرض” يتكرر “التعويم” بحسب شروط “الصندوق”. ثالوث عنيد يحكم قبضته على قاموس المصريين المعاصرين. الأوضاع الاقتصادية البالغة الصعوبة كتبت الهيمنة للمفردات ذات الطابع الاقتصادي على ألسنة المصريين وفي نقاشاتهم اليومية. “الصندوق” يجري التطرق إليه يومياً في الشارع. صحيح أن لبساً ما يتكرر إذ يعتقد البعض أن صندوق النقد الدولي هو البنك الدولي هو مؤسسة التمويل الدولية، وصحيح أن البعض يعتقد أن صندوق النقد الدولي اسمه الرسمي هو “الصندوق”، إلا أن حقيقة تحول “الصندوق” إلى مكون رئيس في أحاديث الجميع أمر لا يمكن إنكاره أو إغفاله.

ولا يمكن إغفال وعي البسطاء بالعلاقة الوثيقة بين موجات التعويم الكبرى التي دفعت بالجنيه المصري للارتطام أمام الدولار الأميركي للمرة السادسة منذ عام 1977، وهو العام الذي يمثل البداية الحديثة لعصر الاقتراض من الغرب، ووقتها تحرك الدولار تحركاً مهيباً من 1.25 جنيه إلى 2.5 جنيه مصري بالتمام والكمال.

التأريخ بالتعويم

“تعويم” لم تعد مجرد كلمة تذكر في سياق “الصندوق” أو بقدوم “القروض” فحسب، بل أصبحت وسيلة للتأريخ الشعبي. فلان اشترى شقة سكنية، وفلانة باعت سيارتها، وفلان ألحق أبناءه بمدرسة دولية قبل التعويم أم بعده؟ وتطور الأمر للسؤال عن ترتيب التعويم، الرابع؟ أم الخامس؟ أم السادس؟

التأريخ بالتعويم بات معروفاً بين كثيرين وبخاصة في الحالات التي تتطلب تقييم أسعار أجهزة أو عقارات أو سيارات أو حتى حالات طلاق وزواج، وجميعها مشتروات ومشروعات مرتفعة الكلفة. كذلك الحال في ما يختص بالطرق وعلامات الطريق.

 

صارت “العاصمة الإدارية” مكوناً رئيساً في الملاحة ووحدة قياس كيلومترات في محيط العاصمة وضواحيها. كما أصبحت عاملاً محدداً لقرارات السكن والعمل والزواج والإنجاب والإلحاق بالمدارس والجامعات، وذلك على رغم أنها لا عاصمة جديدة للبلاد بعد، ولا هي إدارية فحسب، إذ تزخر بآلاف الشقق والفيلات في أحياء سكنية مترامية الأطراف.

الأطراف الضالعة في دمج كلمات أو عبارات مستجدة في لغة المصريين المنطوقة وكذلك المكتوبة تعلم علم اليقين أن قرارات الدمج تختلط فيها السياسة بالدعابة، ولا يخلو الأمر من بعض المواكبة للمتغيرات. متغير “التحول الرقمي” يفرض نفسه فرضاً على الجميع لدرجة أن أبسط البسطاء يتحدثون عن “التحول الرقمي” و”الحكومة الإلكترونية” و”الرقمنة” بثقة شديدة، حتى ولو كان السياق أحياناً يتعلق بتعطل “السيستم” (النظام الإلكتروني) داخل البنك أثناء إنجاز المعاملات، أو محاولات الدخول المتكررة على موقع وزارة التموين لتحديث البيانات، أو إضافة الزوجات أو إصدار بدل تالف أو فاقد.

الجمهورية الجديدة

فقدان الشغف الشعبي بالسياسة والمعارضة والتعبير عن الآراء وطرح البدائل وتبادل الاتهامات الذي اندلع في أعقاب أحداث 2011 وتأجج خلال عام 2013 لا يعني أن مفردات المصريين وعباراتهم الحديثة التي جرى دمجها منزوعة السياسة تماماً. حظي “الحوار الوطني” بنصيب عادل من الإشارات والتنويهات لدى دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قبل عامين لإطلاق ما يعرف بـ”الحوار الوطني”، ليكون منصة يتحاور فيها مصريون من فصائل سياسية مختلفة باستثناء فصيل واحد (جماعة الإخوان المسلمين) حول قضايا الوطن.

انضم “الحوار الوطني” إلى المفردات الجديدة لبعض الوقت وإن تراوحت غالبية الإشارات إليه ما بين السؤال عن كينونته والاستفسار عن أهدافه. وبينما يظن البعض أنه حزب سياسي يستعين به البعض الآخر مصدراً للأخبار ومعيناً للمعلومات حيث “قال الحوار الوطني” أو “قالوا في الحوار الوطني”.

 

كذلك الحال في ما يختص بمسمى “الجمهورية الجديدة” الذي اعتاده المصريون بعد اعتلائه غالبية الشاشات التلفزيونية كتنويه مستمر. المسمى أطلقه الرئيس السيسي خلال عام 2021، وأشار وقتها إلى أن “العاصمة الإدارية الجديدة” بمثابة مولد جديد وإعلان لجمهورية جديدة. وكرر الرئيس السيسي استخدام المسمى خلال العام نفسه أثناء إطلاق مبادرة “حياة كريمة”.

وعلى رغم أن “الجمهورية الجديدة” تنص على توليفة من المفاهيم مثل بناء دولة ديمقراطية تتمتع بثقل عسكري واقتصادي وسياسي واجتماعي، وتسود فيها قيمة المواطنة وقبول الآخر وغيرها من المفاهيم، غير أن المسمى تسلل منذ ذلك الوقت إلى يسار الشاشات التلفزيونية وبقي “لوجو” اعتادته الملايين من دون التوقف كثيراً عند المقصود. والمصريون يرون “الجمهورية الجديدة” على الشاشات لكن لا يستخدمون المسمى كثيراً في النقاشات.

“ورا مصنع الكراسي”

الجديد في المصطلحات يتمثل أحياناً في إعادة تدوير القديم بحسب الحاجة. وعلى رغم أن “ورا مصنع الكراسي” مسمى عتيق في تاريخ مصر المعاصر فإنه كثيراً ما يقفز إلى سطح المفردات المستخدمة ذائعة الصيت بين المصريين ليوم أو يومين حال طرأ طارئ يستدعي. هذا الطارئ قد يكون هزيمة كروية غير متوقعة أو تضييقات أمنية يرى البعض أنها غير مبررة، أو للدلالة على أن أحدهم سيلقى معاملة غير موقرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مصنع الكراسي الذي خصص لإنشائه الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر 50 فداناً في حي الوراق بإمبابة (شمال الجيزة) تحول من أكبر مصنع كراسي داخل المنطقة إلى أرض مهجورة، بعد وفاة عبدالناصر والتحول إلى نظام الاستيراد و”الانفتاح الاقتصادي” في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات. وأصبح الموقع وكراً للجريمة وتعاطي المخدرات والدعارة إلى أن جرى هدم المصنع خلال عام 2012 لتنتهي قصة المصنع الناجح والوكر الخطر.

لكن الإشارة الساخرة إلى أن فلاناً سيأخذ علاناً “ورا المصنع الكراسي” لينتقم منه أو يلقنه درساً قاسياً بقيت. ولم تبق فحسب بل تحولت إلى مطعم وقاعة أفراح تحمل اسم “ورا مصنع الكراسي” في منطقة الوراق أيضاً، ويقول رواده إنه “يقدم أروع الأكلات وأجمل المشروبات”.اللغة المنطوقة تتأثر بالسياسة وتنهل من الاقتصاد وتلقي بظلالها على المجتمع، ولا تخلو من جوانب بعضها خفيف الظل والبعض الآخر قد يعرض الناطقين بها للمساءلة أو المحاسبة. لكن تظل إضافات المصريين للغتهم المنطوقة مصباحاً منيراً في عالم السياسة وقاموساً محيطاً في مجال الإبداع.

subtitle: 
من “الصب في المصلحة” إلى “الجمهورية الجديدة” مفردات جديدة طرأت على ألسنة المصريين وفي نقاشاتهم اليومية اختلطت فيها السياسة بالاقتصاد بمرارة الدعابة
publication date: 
الأربعاء, سبتمبر 18, 2024 – 15:45

‎إضافة تعليق