لبنان أمام فرصته الأخيرة لحصد ميدالية في أولمبياد باريس
<p class=”rteright”>البعثة اللبنانية لدى مشاركتها في حفل افتتاح أولمبياد باريس (مواقع التواصل)</p>
للمرة الـ19 يشارك الوفد اللبناني في الألعاب الأولمبية الصيفية التي تنعقد هذا العام في العاصمة الفرنسية باريس، وذلك ضمن مجموعة من الرياضات، تتضمن ألعاب القوى والمبارزة والسباحة وغيرها. وفي هذه الدورة التي تنعقد في الفترة الممتدة بين الـ26 من يوليو (تموز) الماضي، والـ11 من أغسطس (آب) الجاري، مثل لبنان رياضيون برزت أسماؤهم في عالم الرياضة، وبشكل خاص في المجالات التي اختاروها.
وتشكل هذه المشاركة حلماً لكل منهم، كما لأي رياضي يكرس حياته لهذا المجال. وعلى رغم الفوز التاريخي الذي حققه لبنان في مسابقة كرة المضرب بأولمبياد باريس، مع فوز اللبناني بنجامين حسن على الأميركي كريستوفر يوبانكس، الذي كان بلغ ربع نهائي بطولة ويمبلدون عام الماضي، لم يوفق حسن في المواجهة الشرسة التي خاضها مع الأرجنتيني سيباستيان بايز المصنف الـ18 في العالم، وبذلك لم يتمكن من مواصلة الطريق في الدورة.
كذلك على رغم الجهود التي بذلها المشاركون والمنافسة القوية التي قادوها، لم ينجح أي منهم حتى الآن في تحقيق حلم الفوز بميدالية أولمبية، لذلك تتوجه الأنظار نحو بطلة التايكواندو اللبنانية ليتيسيا عون في مباراتها في الثامن من أغسطس مع التايوانية لو تشيا-لينغ، باعتبارها الفرصة الأخيرة للبنان علها تتمكن من إعادة الفرحة لقلوب أبنائه في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها.
لبنان في الألعاب الأولمبية
وتشكلت اللجنة الأولمبية اللبنانية للمرة الأولى في عام 1947، واعترفت بها اللجنة الأولمبية الدولية في عام 1948، وشاركت حينها بلاد الأرز للمرة الأولى في الألعاب الأولمبية في لندن بمشاركة ثمانية رياضيين. ومنذ ذاك التاريخ حضر لبنان في الدورات الصيفية كافة باستثناء واحدة في عام 1956، حين قاطع الألعاب الأولمبية احتجاجاً على التدخل البريطاني والفرنسي في أزمة قناة السويس.
كما شارك في معظم الألعاب الأولمبية الشتوية منذ عام 1948 باستثناء عامي 1994 و1998، منذ مشاركته الأولى فاز لبنان بأربع ميداليات منها اثنتان فضيتان واثنتان برونزيتان، وثلاث من هذه الميداليات في المصارعة اليونانية والرومانية وواحدة في رفع الأثقال، وتبقى أكثر الرياضات التي تنافس فيها لبنان المصارعة ورفع الأثقال والملاكمة.
مشاركة وآمال
اليوم تتوجه الأنظار إلى الوفد اللبناني المشارك بالدورة الصيفية للألعاب الأولمبية لعام 2024، وتعلق الآمال على هؤلاء الرياضيين الذين قد يعيدون الأمل للبنانيين في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. احتلت رياضة السباحة الأولوية في حياة السباحة اللبنانية لين الحاج منذ أن كانت بعمر ثلاث سنوات، وهي بمشاركتها في الألعاب الأولمبية عن عمر 17 سنة تتوج الجهود التي بذلتها من الطفولة حتى بلغت هذه المرحلة.
في حديثها مع “ السبعة المنتقمون” بعد خوضها السباق الأول لها في الألعاب الأولمبية في سباق 110 أمتار صدر، أشارت إلى أن التجربة شكلت حلماً لها منذ أن بدأت تشارك في مباريات عالمية عن عمر تسع سنوات. أما دخولها هذا المجال فتقول إنه حصل بتشجيع من أهلها وبدعمهم، حتى خصصت له الجهد والوقت اللازمين. وكانت لها مشاركات عدة في بطولات خارج لبنان أسهمت كلها في تعزيز خبرتها وقدراتها في السباحة، وتحسين رقمها ضمن نظام نقاط FINA الذي يستند إليه للتأهل للألعاب الأولمبية.
وحصلت لين الحاج على ميدالية في بطولة السباحة العربية لعام 2023، وتطلب بلوغ لين هذه المراتب منها تدريباً يومياً على السباحة لمدة ساعتين أو أكثر، إضافة إلى التمارين الرياضية حفاظاً على لياقتها ثلاث مرات في الأسبوع، بإشراف مدرب للسباحة ومدرب رياضي واختصاصي في العلاج الفيزيائي، واختصاصية تغذية تشرف على نظامها الغذائي. وتقول إن تدريبات السباحة لم تكن يوماً بالنسبة إليها اختياراً، بل شكلت جزءاً لا يتجزأ من نمط حياتها. “لو عدت أشهراً للوراء، لبدا لي الوصول إلى المشاركة في الألعاب الأولمبية حلماً صعب المنال، لكن ها أنا اليوم أشارك فيها. كان شعوراً رائعاً وتجربة صعبة الوصف، وإن كان هناك ضغط نفسي، أما طموحي اليوم فهو الوصول إلى بطولة العالم في بودابست”.
السباحون
في مشاركتها هذه التي تمثل فيها لبنان، توجهت لين برسالة إلى المعنيين ليولوا أهمية كبرى لرياضة السباحة كونها لا تعطى اهتماماً كافياً، على رغم وجود طاقات كبرى فيها خصوصاً من الجيل الجديد.
ويمثل سيمون الدويهي أيضاً لبنان في الدورة الصيفية من الألعاب الأولمبية لهذا العام في فئة السباحة على مسافة 100 متر حرة، ويعتبر من أبرز السباحين اللبنانيين، وكان حقق إنجازات عدة في سباقات السباحة الحرة لمسافات مختلفة.
ففي بطولة الشتاء في اليونان استطاع سيمون أن يسجل رقماً قياسياً شخصياً جديداً في سباق 100 متر، إذ قطعها في زمن 50.23 ثانية، وحصل على ثلاث ميداليات ذهبية في كأس بازل السويسرية، الأولى في سباق 200 متر، والثانية في سباق 100 متر، والثالثة في سباق 50 متراً. وكان الدويهي حطم الأرقام القياسية اللبنانية في التجارب الإسبانية، مما أهله للمشاركة في الألعاب الأولمبية الفرنسية، إلا أنه لم يوفق فيها ولم تكن أرقامه كافية للتأهل إلى الدور نصف النهائي فغادر الدورة الحالية.
وكان سيمون وضع منذ عامين هدفاً لنفسه أن يشارك في الأولمبياد، على رغم أنه كان توقف نهائياً عن السباحة في عام 2020 قبل أن يعود عن قراره، وبفضل التدريب المكثف والمثابرة استطاع أن يعزز مهاراته ويحقق هذا الحلم.
بطلة التايكواندو
وبعد أن حققت بطلة التايكواندو اللبنانية ليتيسيا عون، البالغة 23 سنة، الفوز في الدور النصف نهائي لبطولة آسيا بالتايكواندوا عن وزن دون 57 كيلوغراماً، استطاعت أن تتأهل للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لهذا العام. وكانت ليتيسيا حققت نتائج جيدة في بطولات دولية في رياضة التايكواندو التي تزاولها منذ الطفولة. وتطمح لأن تمنح لبنان ميدالية ذهبية بمشاركتها هذه، على رغم علمها بأنها رياضة تشتد فيها المنافسة. فبعد حصولها على الحزام الأسود ومشاركتها في بطولة العالم لفئة دون 14 سنة، رأت اللعبة على مستوى عالمي وتعلقت بها أكثر. عندها وضعت المشاركة في الألعاب الأولمبية هدفاً لها وحققته، وهي اليوم تنوي أن تبذل قصارى جهدها حتى تحقق الفوز، وإن كانت تتقبل الخسارة لأنها رياضة، واحتمال الربح كما الخسارة موجود فيها. والآن تتوجه الأنظار نحو ليتيسيا علها تتمكن من الفوز بميدالية للبنان في الأولمبياد في مواجهتها مع بطلة التايكواندو التايوانية الحائزة على ميدالية برونزية في الألعاب الأولمبية لعام 2020.
المبارزة بالشيش
في السياق شارك فيليب واكيم في الأولمبياد عن فئة المبارزة بالشيش، التي اكتشف عشقه لها منذ أن بدأ بممارستها في عمر ست سنوات بدافع الفضول، وذلك بعد تجربة أنواع عدة من الرياضات التي لم تجذبه مثل كرة القدم وكرة السلة. وفي حديثه مع “ السبعة المنتقمون”، يتوقف واكيم عند تعلقه بهذه الرياضة التي لا تعتبر رائجة في لبنان، ويكشف عن أنه بقدر ما كان يمارسها، كان يتعلق بها أكثر بعد.
وحول مشاركته في الألعاب الأولمبية يشير إلى تأثره الشديد بالمكان وبالأجواء كلها وبفكرة هذه المشاركة أيضاً، وإن كان شارك في بطولات عالمية عدة سابقاً وحقق الفوز فيها، ويقول “مشاركتي هذه كانت حلماً لي، وكنت آمل أن أحقق الفوز وأمثل لبنان، ليظهر نتاج الجهود التي بذلتها طوال السنوات الماضية في التحضير والتدريبات لهذه المشاركة، قدمت أفضل ما لدي وبذلت قصارى جهدي لأجعل اللبنانيين فخورين بي، لكني لم أوفق”.
وكان فيليب واكيم أحرز بطولة لبنان مرتين فردياً وضمن الفرق، كما فاز ببطولة غرب آسيا لمن هم دون 23 سنة، وحصل على المركز الثامن في بطولة آسيا تحت 23 سنة لهذا العام، كما احتل المركز الـ19 في بطولة آسيا للكبار للعام الماضي.
كرة الطاولة
من جهتها تحمل لاعبة كرة الطاولة اللبنانية ماريانا ساهاكيان لقب بطلة غرب آسيا والعرب في كرة الطاولة، وتأهلت للألعاب الأولمبية في باريس وذلك للمرة الثانية، بعد دورة أولمبياد ريو دي جانيرو في عام 2016، وحينها تأهلت بعد تتويجها في بطولة آسيا في هونغ كونغ. وأحرزت ماريانا ألقاباً عدة في لبنان وعلى مستوى دولي أيضاً، وفي الأولمبياد الحالي فازت على نظيرتها التشيلية في المباراة الأولى بنتيجة أربع مجموعات في مقابل واحدة، إلا أنها لم توفق في مباراتها مع الأميركية ليلي تشانغ، وتعتبر ماريانا مستوى اللعب جيداً في لبنان، لكن لا تنكر أن مستوى اللعب في الأولمبياد مرتفع وواجهت فيه لاعبات بمستوى عال جداً.
منافسات الجودو
ويعتبر اللبناني كارامنوب ساغايبوف، البالغ 27 سنة، موهبة حقيقية في رياضة الجودو التي بدأها وهو في سن التاسعة، ويحتل المركز الـ31 على مستوى العالم في وزنه. هو من أب روسي وأم لبنانية، ومثل روسيا على مستوى المبتدئين والناشئين، قبل أن ينتقل لتمثيل لبنان في عام 2022، بعد أن حل خامساً في بطولة العالم في أبو ظبي في شهر مايو (أيار) الماضي عن فئة ما دون 90 كيلوغراماً.
وتأهل إلى الأولمبياد وبات أول رياضي لبناني يصل إلى المرحلة النهائية في بطولة العالم في مجاله، حقق نتائج لافتة في العامين الماضيين، بخاصة مع نيله برونزية في دورة الألعاب الآسيوية الأخيرة في الصين، وكانت ثالث ميدالية في البطولة القارية، إلا أنه في المواجهة مع البلغاري إيفايلو إيفانوف لم يوفق أيضاً وخسر بنتيجة 1-0.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
راي باسيل والرماية
وشكلت المشاركة في الأولمبياد حلماً لبطلة كأس العالم في الرماية راي باسيل، كما صرحت مراراً في السابق، وهدفها لا يقتصر على خوض تجربة الأولمبياد فحسب، بل الفوز بالميدالية الذهبية بعد أن فازت ببطولات عالمية عدة، وحصلت فيها على ميداليات ذهبية وفضية برونزية.
وفي حديثها مع “ السبعة المنتقمون” أوضحت باسيل أنها شاركت خلال هذا العام في بطولات عدة، وحصدت عدداً من النقاط لتتأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية، وكانت المشاركة الأخيرة لها حين حصلت على ميدالية ذهبية ولقب “بطلة العالم”، مما خولها مباشرة المشاركة في الدورة الحالية من الألعاب الأولمبية عن فئة الرماية. وقالت راي باسيل إنها ذهبت في التزامها بالرياضة طوال حياتها “إلى أقصى حد” على حساب حياتها الشخصية، لشدة تعلقها بالرماية وحرصها على التدريبات اليومية. وأضافت “قد أترك أي عمل أقوم به عندما يحين موعد التمرين اليومي، ولا أساوم في ذلك حتى أني أقوم بتدريبات للحفاظ على التركيز لأنها تتطلب مني ذلك، إضافة إلى التمارين الجسدية اليومية حفاظاً على لياقتي البدنية ليكون أدائي أفضل”.
وشاركت راي في أول تحد لها في الأولمبياد بـ75 طلقة في ثلاث جولات، أصابت في أولها 23 طلقة من 25 وفي الثانية 25 من 25، ثم في الثالثة 23 من 25، لتحصل على مجموع 71 طلقة من 75. إلا أنها خرجت من الأولمبياد بعد حصولها على 114 نقطة في الحصيلة النهائية وحلولها في المرتبة 21. وتوجهت برسالة مؤثرة عبرت فيها عن أسفها، لأنها لم تتمكن من الحصول على ميدالية ذهبية للبنان، ومعبرة عن امتنانها لكل من دعمها.
كرة المضرب
إلى ذلك وبعد نجاح مشاركاته في بطولات التنس العالمية، تأهل لاعب التنس اللبناني بنجامين حسن إلى أولمبياد باريس، وهو يعتبر من أبرز لاعبي التنس المحترفين الخمسة في ألمانيا حيث يقيم، كما أنه في الترتيب العالمي بين أفضل 180 لاعباً حول العالم، واستطاع أن يقود المنتخب اللبناني للتأهل إلى مستوى النخبة حول العالم في مسابقة “كأس ديفيس” العام الماضي، بعد أن حقق الفوز للبنان على كل من منتخب إمارة موناكو وجمورية الدومينيكان. وفي أولمبياد 2024 استطاع حسن أن يحقق إنجازاً تاريخياً بفوزه في مباراته الأولى، وهو الفوز الأول في تاريخ لبنان في رياضة كرة المضرب ضمن الألعاب الأولمبية، لكنه خسر في المباراة الثانية التي لعبها أمام الأرجنتيني بايس.
وتأهل لاعب كرة المضرب اللبناني هادي حبيب، المصنف 275 عالمياً، للأولمبياد بعد أن حقق إنجازاً في دورة قطر الدولية للتنس لفئة فردي الرجال، بعد فوزه على الهندي موكوند ساسيكونار المصنف 420 في العالم، كما فاز ببطولة العرب للتنس لعام 2021. أما في الألعاب الأولمبية فكانت له مواجهة وصفت بالصعبة، لا بالمستحيلة، أمام الإسباني كارلوس ألكاراز المصنف ثالث في العالم، من الدور الأول.
وكان من المفترض أن يخوض حبيب منافسات الزوجي فقط إلى جانت بانجامين حسن، لكن مع انسحاب عدد من اللاعبين بسبب إصابات تعرضوا لها في الفردي، انضم إلى هذه الفئة كبديل، واضطر إلى مواجهة ألكازار بشكل مفاجئ ومن دون سابق إنذار في الدور الأولى من منافسات كرة المضرب.
من ناحية ثانية يعتبر الجندي اللبناني نور الدين حديد عداء مثل لبنان في بطولة العالم لعام 2019 في الدوحة، إذ سجل رقماً قياسياً وطنياً جديداً. وكان من المفترض أن يشارك به في الألعاب الأولمبية، لكن حصلت خلافات حول تسميته للمشاركة لاعتبار أن المؤسسة العسكرية كانت أصدرت قراراً بسجنه لمدة 10 أيام بسبب هربه من الجيش إلى خارج لبنان في فترة سابقة، ورأت اللجنة الأولمبية اللبنانية مشكلة بأن يمثل رياضي لبنان وهو هارب من الخدمة العسكرية.
إضافة تعليق