9 أعوام من التشخيص الخاطئ لمرض بطانة الرحم المهاجرة
<p class=”rteright”> بطانة الرحم المهاجرة حال التهابية مزمنة شائعة جداً تعانيها 1.5 مليون امرأة تقريباً داخل المملكة المتحدة (كلوي بريمنر)</p>
تشعرين كما لو أن شخصاً عالق في أحشائك ويحاول يائساً شق طريقه إلى الخارج، تقول كلوي بريمنر واصفة الألم الذي تعانيه بسبب بطانة الرحم المهاجرة endometriosis [تسمى أيضاً “الانتباذ البطاني الرحمي” أو “داء البطانة الرحمية” وفي هذه الحال تتسرب بعض الأنسجة من الغشاء الملتصق بالجدار الداخلي للرحم إلى الأعضاء القريبة منه].
كابدت المرأة ذات الـ24 سنة الألم الناجم عن هذا الالتهاب المزمن منذ أن كانت في الـ 14 من عمرها، ولكن معاناتها لقيت التجاهل والإهمال ولم تنل الاهتمام الطبي اللازم، وأخطأ الأطباء في تشخيص مرضها طوال تسعة أعوام حين ظنوا أنها مصابة بالقولون العصبي واضطرابات في المعدة، في حين أنها في الحقيقة تعاني بطانة الرحم المهاجرة.
وتقول بريمنر التي تعيش في اسكتلندا إنها كانت تستيقظ دائماً منتصف الليل وقد قضت مضجعها آلام مبرحة.
وأخبرت “اندبندنت”: “أمضيت ليالي وأياماً لا حصر لها وأنا على هذه الحال، وعلى مر الأعوام أخذت حالي تتدهور أكثر شيئاً فشيئاً وازدادت حدة آلامي، فانتشرت لتشمل أعصابي وتحديداً الواقعة في الجزء الأسفل من الجسم وصولاً إلى ساقي ووركي”.
وبسبب الألم، كما تشرح بريمنر، كان قضاء الحاجة تجربة مؤلمة جداً، وكانت تشعر كما لو أن “شظايا من الزجاج” تخرج منها، وتضيف أنه وبصورة متكررة يُعتقد خطأً أن هذه الأعراض التي تعانيها النساء المصابات ليست ناجمة عن بطانة الرحم المهاجرة، بل عن الطمث أو الحيض، في حين أنها في الحقيقة داء مزمن يترك المرأة تعاني الألم اليومي.
“إنه داء مؤلم جداً حد أنني كنت أتناول المورفين كل يوم ولم يجد نفعاً، إذ لم يفارقني العذاب الشديد”، تقول بريمنر.
ومن جملة الأعراض التي واجهتها أيضاً آلام شديدة في الحوض يومياً وفترات حيض غزيرة ومؤلمة، ونزف بين الحيض والآخر وآلام في الأعصاب وأوجاع شديدة أثناء وبعد ممارسة الجنس، وتعب حاد وصداع نصفي وضبابية الدماغ [تشوش وصعوبة في التركيز والتفكير بوضوح وبطء في معالجة المعلومات]، إضافة إلى ظهور حب الشباب على وجهي ومعاناتي القيء ونشوء أكياس مليئة بالسوائل [حول الرحم والمبيضين] تكون مؤلمة وتنفجر، وآلام متكررة والتهابات المسالك البولية.
“قالوا لي ‘أنت مصابة بفيروس معد عودي للمنزل’، ولكن الأعراض كانت تتكرر كل أربعة أسابيع ولم أكن لأصاب بفيروس معد كل أربعة أسابيع”
كلوي بريمنر
وتضيف بريمنر أن بطانة الرحم المهاجرة “لا تنال الاهتمام والعناية الكافيين وتبقى طبيعة الحال من دون فهم واضح” من جانب مقدمي الرعاية الصحية.
“لقد أخطأ الأطباء في تشخيص إصابتي لفترة طويلة حقاً، وفي إحدى المرات ذهبت إلى الطبيب وكنت في فترة الحيض وكنت أتقيأ، وكان الألم الشديد يجتاح جسدي وشعرت أني أعاني خطباً ما، فقال ‘أنتِ مصابة بفيروس معد [يتسبب بالقيء والغثيان والإسهال عادة] عودي للمنزل’، ولكن الأعراض كانت تتكرر كل أربعة أسابيع ولم أكن لأصاب بفيروس معد كل أربعة أسابيع [لذا من غير المنطقي أن تكون ناتجة منه].
بطانة الرحم حال التهابية مزمنة وشائعة جداً يعانيها حوالى 1.5 مليون امرأة في المملكة المتحدة، وخلص تحقيق أجرته مجموعة برلمانية تضم مختلف الأحزاب إلى أنه على غرار محنة بريمنر، لا تحصل المرأة على تشخيص صحيح لحالها قبل مرور ثمانية أعوام في المتوسط على ظهور الأعراض لديها، وفي هذه الحال تنمو أنسجة مماثلة لبطانة الرحم في أماكن أخرى من الجسم، وغالباً ما تكون الأعراض منهكة وتمتد من العقم إلى فترات مؤلمة من الحيض والتعب والألم أثناء ممارسة العلاقة الجنسية، إضافة إلى الشعور بالاكتئاب والقلق.
وتقول بريمنر إن طبيب أمراض النساء أخطأ في تشخيص حالها حين أعطاها معلومة غير صحيحة مفادها أن بطانة الرحم المهاجرة لا تسبب الانتفاخ في البطن، وأنها تعاني متلازمة القولون العصبي، على رغم أن الانتفاخ أحد الأعراض الشائعة لبطانة الرحم المهاجرة، ويشار إليه عادة باسم “بطن إندو” endo belly [ويكون مؤلماً ومزعجاً].
وأوضحت المرأة أنها أحيلت بعد ذلك إلى طبيب نسائي آخر وأضيف اسمها إلى قائمة المرضى الذين ينتظرون الخضوع لتنظير البطن التشخيصي، مضيفة أنه قيل لها مرات عدة إنه من المستبعد اكتشاف أي حال صحية لديها.
وللأسف لم يشخص الأطباء إصابتها ببطانة الرحم المهاجرة حتى عام 2023، في تجربة وصفتها بـ “الحلوة والمرّة”، ذلك أنها [على الرغم من سعادتها بالحصول أخيراً على تفسير لأوجاعها] انتابها شعور بـ “الغضب والانزعاج والإحباط” كونها كانت تستطيع الحصول على الدعم في الوقت الذي كانت تنتظر فيه التشخيص.
خضعت بريمنر لجراحة عام 2023 لكنها كابدت آلاماً شديدة يومياً بعد ذلك وأصبحت تعتمد على المورفين وعاجزة عن متابعة دراستها في مجال التمريض، كما تقول.
وتضيف أنه بعد أشهر من المعاناة وتجاهل أوجاعها هذه على اعتبار أنها “ألم ما بعد الجراحة”، بدأت في تناول الحقن التي تحفز انقطاع الطمث [تساعد في خفض نسبة الهرمونات الأنثوية مثل الإستروجين] والعلاج بالهرمونات البديلة [للسيطرة على الأعراض المرتبطة بعدم توازن الهرمونات في الجسم أو انخفاض مستوياتها] في سن 24 سنة، ولكن العلاجات لم تنجح.
تفاقمت حدة الآلام لدي وازدادت أوجاعي سوءاً فاخترت الانفصال عن حياتي الحالية من أجل الاستمرار
كلوي بريمنر
وتقول “مع تفاقم حدة مرض بطانة الرحم المهاجرة وتدهور صحتي اخترت أن أنفصل عن حياتي الحالية من أجل الاستمرار”، وتضيف “صرت أعيش حياة محدودة ومعزولة [ابتعدت من العالم الخارجي والنشاطات والتفاعل مع الآخرين] ولم أستطع مواجهة حقيقة وضعي، وقد ساعدني الابتعاد من الواقع وعن مشاعري على النجاة في خضم المعاناة، ولكنني شعرت بالغيرة والاستياء من النساء الأخريات اللاتي لا يعانين بطانة الرحم المهاجرة، فاجتاحني شعور بالذنب بسبب هذه المشاعر”.
ووفق كلامها ففي حال بقيت بطانة الرحم المهاجرة من دون علاج لكانت أصيبت بالفشل الكلوي في غضون أعوام قليلة، وتحكي بريمنر أن حدة أعراضها تفاقمت فاستدعت حالها دخول المستشفى بصورة طارئة حين علمت أن بطانة الرحم المهاجرة قد عادت بقوة لها وصنفها الأطباء على أنها شديدة ومعقدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد البحث في الخيارات الجراحية المتاحة في المملكة المتحدة، وبعدما تبين أن كلفة الجراحة في المراكز الطبية تتجاوز 20 ألف جنيه إسترليني، أنشأت بريمنر صفحة لها على الموقع الإلكتروني للتمويل الجماعي “غو فاند مي” GoFundMe علها تنجح في جمع الأموال التي تسمح لها بالخضوع للجراحة، فتلقت عدداً كبيراً من التبرعات ورسائل الدعم، وهكذا جمعت 10500 جنيه إسترليني وسافرت إلى أبوظبي حيث خضعت لجراحة على يدي الاختصاصي في بطانة الرحم الدكتور زاهد خان في “مستشفى دانة الإمارات” في مارس (آذار) من العام الحالي، بحسب ما قالت بريمنر.
ولكنها توضح أن الأطباء يناقشون احتمال عودة بطانة الرحم المهاجرة لها مرة أخرى مما يبرز طبيعة هذا الداء المزمنة وغير المتوقعة، مضيفة أنه “في معظم الأحيان لا يزيل العلاج الأعراض التي تعانيها تماماً، ولكن الهدف منه تقليصها حتى تشعر ببعض الراحة”.
وطوال أعوام، كما تضيف بريمنر، “لم يشرح لها أحد ماهية بطانة الرحم المهاجرة ولا حتى عند تشخيص إصابتها بها، وتقول في هذا الصدد إن “بطانة الرحم المهاجرة أشبه بتحد دائم يتطلب من المرضى النساء البحث عن اعتراف بأعراضهن والحصول على العلاج والراحة في نظام رعاية صحية يتجاهل غالباً حاجات تلك المصابات، فلا يقدم لهن الدعم والعلاج المناسبين”.
إضافة تعليق