موازنة جزائرية مثقلة بـ62 مليار دولار من العجز
<p class=”rteright”>قدر معدل النمو في الجزائر بـ4.5 في المئة مستنداً إلى سعر مرجعي لبرميل النفط الخام قدره 60 دولاراً (أ ف ب)</p>
<p class=”rteright”> </p>
عرض وزير المالية الجزائري لعزيز فايد مشروع الموازنة لعام 2025 على لجنة المالية والموازنة في المجلس الشعبي الوطني (البرلمان).
ويهدف مشروع الموازنة الجديدة إلى رفع المستوى المالي للدولة وتعزيز نمو الاقتصاد بدفع الاستثمار العام والخاص والقطاع المالي وتحسين المستوى المعيشي للمواطن بالحفاظ على القوة الشرائية من خلال دعم كثير من المواد الاستهلاكية وتحسين الأجور، على رغم التضخم الذي تعانيه الدولة، إذ وصلت نسبة التضخم في البلاد إلى 9.3 في المئة عام 2023، قبل أن تتراجع إلى خمسة في المئة في النصف الأول من 2024.
وبحسب مشروع الموازنة، تبلغ النفقات العامة 16.79 مليار دينار (125.9 مليار دولار) بزيادة 9.9 في المئة مقارنة بالعام الحالي، بإيرادات قدرها 85.23 مليار دينار جزائري (63.9 مليار دولار) بارتفاع 3.5 في المئة مقارنة بالإيرادات المتوقعة في موازنة 2024، مدفوعة بتحسن الإيرادات الجبائية (الضريبية) بنسبة تسعة في المئة.
وتتكون الإيرادات من 34.54 مليار دينار (25.9 مليار دولار) من الجباية البترولية و50.69 مليار دينار (38 مليار دولار) من الإيرادات خارج الجباية البترولية، في حين بلغ عجز الموازنة 82.71 مليار دينار (62 مليار دولار).
ووصفت الحكومة الموازنة بالضخامة التي تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وتشجيع الاستثمار، معتمدة على سياق الاقتصاد المحلي والدولي ومستندة إلى سعر مرجعي لبرميل النفط الخام قدره 60 دولاراً، وتوقعت ارتفاعاً في صادرات المحروقات 1.9 في المئة عام 2025، في حين ستنخفض عامي 2026 و2027.
4.5 في المئة نسبة النمو المستهدفة
أما النمو الاقتصادي المستهدف لعام 2025، فسيبلغ وفق الموازنة 4.5 في المئة، بينما سينخفض إلى 3.7 في المئة في 2027 نتيجة تراجع قطاع المحروقات، وخارج هذا القطاع، يتوقع نمو اقتصادي بنسبة خمسة في المئة في المتوسط حتى 2027.
وقدر الناتج الداخلي الخام بـ37.86 مليار دينار (284 مليار دولار) في 2025، وتوقع قانون المالية فائضاً في ميزان المدفوعات يساوي 1.17 مليار دولار، قبل أن يتحول إلى عجز طفيف في 2026.
وعلى صعيد احتياطي الصرف، يرجح أن يرتفع إلى 72.95 مليار دولار في 2025، مع تغطية 16 شهراً من الواردات، أما نفقات الأجور، فستشهد زيادة ملحوظة لتصل إلى 5.843 مليار دينار (43.8 مليار دولار) وتشمل 97 ألف مواطن شغل جديدة.
وحول الدعم، ستواصل الدولة الجزائرية دعم المواد الأساسية، إذ خصصت 659.96 مليار دينار (4.9 مليار دولار) لدعم الحبوب والحليب والزيت، إضافة إلى خفوض للسكن ضمن برامج البيع بالإيجار وتحفيز القروض السكنية بنسبة فائدة مخفضة لتنفيذ مشاريع الإسكان.
ومن نفقات الاستثمارات العامة للدولة 127.8 مليار دينار (958 مليون دولار) يوجه 110 مليارات دينار (825 مليون دولار) منها قيمة إسهام الدولة في المشروع الجزائري- القطري “بلدنا” و12 مليار دينار (90 مليون دولار) قيمة إسهام الدولة في تمويل مشروع إنشاء المستشفى الجزائري- القطري- الألماني في زرالدة، علاوة على تخصيص لصندوق الاستثمار للولايات من أجل تمويل المشاريع عن طريق مؤسسات التسيير لصندوق الاستثمار للولايات بقيمة 5.8 مليار دينار (43 مليون دولار).
استثمار طموح
واعتبر الخبير المالي أبو بكر السلامي أن الموازنة ترتكز على نظرة مستقبلية معتمدة على دفع الاستثمار والمبادرة الخاصة في إطار نظرة تمتد الى ثلاث سنوات ومخطط جزء كبير منه سينفذ عام 2025، إذ سيتواصل الرفع من مستوى مشاريع الاستثمار.
وكشف عن أنه أعلن عن 8 آلاف مشروع استثماري جديد حتى الشهر الجاري بوجود فرص كبيرة بعد توقف قطاع الاستثمار في فترات سابقة، تحديداً قبل عام 2021، قبل أن تسجل انطلاقة مع القوانين الجديدة المحفزة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن يظل حجم العجز في الموازنة مرتفعاً وهو بحدود 82.71 مليار دينار (62 مليار دولار)، مما يقارب إجمالي إيرادات الخزانة وهي 85.2 مليار دينار (63.9 مليار دولار) في 2025، وعلق السلامي قائلاً “تقريباً العجز يساوي إيرادات الدولة وهذا حجم كبير متراكم من عجز السنوات الماضية وقد بلغ 6 آلاف مليار دينار (45 مليار دولار) في 2024 وتحول إلى تراكمات متلاحقة، وخلق ديناً داخلياً وصل إلى 16 ألف مليار دينار (120 مليار دولار)”، مستدركاً “لكن بمقدور الدولة الجزائرية بحكم الثروات المتوافرة أن تقلص من العجز على المدى البعيد بما تملكه من موارد في قطاعات الفلاحة (الزراعة) والمحروقات والخدمات والصناعة والخدمات”.
وقال السلامي “في حين يمثل عدم تقديم الحكومة لحلول للعجز المتزايد سنوياً معضلة في حد ذاتها، إذ لم تظهر الحكومة نية في مقاومة عجز الموازنة المتعمق والدين الداخلي على رغم الوعود بانطلاقة اقتصادية واستثمارات ومداخيل (إيرادات) كثيرة ورقمنة وإصلاحات، لكن تغيب الحلول المقاومة للمديونية الداخلية، بالتالي تبقى بعض الضبابية أمام هذا العجز الكبير بخاصة سنة 2025، إذ بلغ مستويات كبيرة”، متسائلاً “كيف ستتم مواجهته؟، وتسديد الدين الداخلي الذي وصل إلى حجم كبير جداً يساوي موازنة الدولة في حين يبلغ العجز 50 في المئة من موازنة الدولة ويساوي مداخيل الدولة لسنة 2025”.
تحويلات اجتماعية ضخمة
وترتبط قيمة العجز المرتفع بالتحويلات الاجتماعية وفق السلامي، إذ ارتفعت هذه التحويلات 30 في المئة مقارنة بموازنة 2024 وناهزت 6 آلاف مليار دينار (45 مليار دولار)، مما يشير إلى أن نسبة كبيرة من العجز سببها التحويلات، داعياً إلى النظر في ورشة مراجعة سياسة الدولة الاجتماعية والتحويلات المالية التي يتمتع بها كل الجزائريين ويستفيد منها الأجانب وكل المؤسسات والأفراد مهما كانت مداخيلهم من جميع الشرائح الاجتماعية على رغم أنها مخصصة لمعدومي الدخل، وأشار إلى أن ذلك يحتم اتجاه الدولة الجزائرية إلى الدعم الموجه أو المباشر وقد تأخر تغيير السياسة الاجتماعية في الجزائر بسبب غياب البطاقة الرقمية، مما عطل هذه المراجعات وأجّل بتّ الملف وتسير الحكومة نحو إنجازها بعد التقدم في الرقمنة.
وعن حجم النفقات، قال السلامي إنها “مرتفعة مقارنة بالموارد التي لا تزيد على نصف النفقات، مما يشير إلى شرخ كبير، وناشد الحكومة “بالقيام بإصلاحات جبائية عميقة بحكم أن النظام الجبائي الحالي غير قادر على تغطية نفقات التسيير وهي الجباية العادية ومن المفروض أن تغطي نفقات التسيير والأجور لتجابه الهزات الممكنة لمداخيل المحروقات ولضمان عدم تعطل الاستثمار، على أن يتحقق ذلك عن طريق إصلاحات جبائية قادرة على الرفع فيها إلى 30 في المئة لتشمل بعض الجيوب الجبائية غير المستغلة”.
وأضاف أنه “في المقابل، اتخذت الحكومة إجراءات للضغط على النفقات بينما تظل الحاجة ملحة إلى جهد أكبر واتخاد قرارات صارمة ووضع قانون ومحاسبة جميع الدوائر والمصالح حول نفقاتها ومردوديتها على الاقتصاد الوطني”.
وحول معدل النمو المتوقع، رأى السلامي أنه “يرتبط بخلق نشاطات جديدة وتنمية الصادرات والاستثمار وهو غير مرتبط بالضرورة بأسعار النفط فحسب، على رغم تأثير المداخيل الجبائية للمحروقات ومواردها من العملات مما يساعد الحكومة على التدخل لدعم الاستثمار ودعم الأسر والاستهلاك، فيدرّ الإنتاج”.
في حين اعتبر المحلل هواري تيغارسي أن الإصلاحات التي شملت قانون الاستثمار في الجزائر ألقت بظلالها على الواقع الاقتصادي بما يشمل كلفة الاستثمار العمومي والدعم المقدم للمبادرة الخاصة، مما يفسر حجم الموازنة الضخم، بعدما شهدت الحركة الاقتصادية نمواً مطّرداً في المدة الأخيرة للاستثمارات المحلية منها والأجنبية.
وتابع أن الاستثمارات الأجنبية خارج المحروقات زادت على 150 مشروعاً وهي في قطاعات الصناعات التحويلية والمشتقات البترولية والزراعة والإلكترونيك إلى جانب الاستثمارات الخاصة المحلية، مما انعكس على مؤشرات التصدير، وشهدت الصادرات نمواً مر بها من مستوى 1.8 مليار دولار إلى 7 مليارات دولار عام 2024 وتصبو الجزائر إلى 29 مليار دولار في 2030.
وعن الدعم الاجتماعي، رأى التيغارزي أنه يسير في الدائرة نفسها وهو الدفع إلى مقاربة تشجيع المبادرة الفردية والاستثمار، وهو في حدود 40 مليار دولار على أقصى تقدير في موازنة 2025 مقابل 35 مليار دولار في نفقات 2024، ويتكون من دعم اجتماعي في صورة تحويلات ودعم المواد الأساسية والسكن، ويسير تدخل الدولة في نفس نهج دعم المنظومة الاجتماعية بهدف دفع الحركية الاستثمارية.
إضافة تعليق